الاثنين، 25 نوفمبر 2019

أنواع القتل في القانون المصري

من «العمد» إلى «الخطأ».. أنواع القتل في القانون المصري وعقوباته وآثاره وشروطه  " منقول " 

"القتل العمد مع توافر سبق الإصرار".. عقوبة مرتكب جريمة القتل العمد مع توافر سبق الإصرار وفقا للمادة 230 من قانون العقوبات، و قد نص المشرع على  تشديد عقوبة الإعدام عند توافر واحده من  هذه الأسباب:
 1-التشديد الذي يرجع إلى نفسية أو قصد الجاني كسبق الإصرار المادة 230 من قانون العقوبا، 2-التشديد الذي يتعلق بوسيلة أو كيفية ارتكاب الجريمة كالقتل بالسمالمادة 233 عقوبات أو الترصد المادة 230 عقوبات، 3-التشديد الذي يقوم على اقتران القتل العمد بجناية المادة 234/2 4 التشديد الذي ينهض على ارتباط جناية القتل بجناية أو بجنحة أخرى.
«صوت الأمة» رصد فى التقرير التالى جريمة القتل وأنواعها الثلاثة من حيث القتل العمد، القتل شبه العمد، القتل الخطأ،  ولكل نوع من هذه أنواع الثلاثة حقيقة وحكم يتعلق به وعقوبة خاصة به-بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض أشرف الزهيرى. 
20180811010013013
وسوف نشرح القتل العمد:-
1- القتل العمد: وحقيقة القتل العمد: أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً، ومن هذا التعريف لحقيقة القتل العمد يتبيّن أنه لا يسمى قتل عمد، إلا إذا تحقق فيه أمران:
أحدهما: قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمداً: كمَن رمى سهماً يريد صَيْداً فأصاب شخصاً، فقتله.
ثانيهما: أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالباً، فلو أنه ضربه بعصاً صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل، فمات من ذلك الضرب، فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.
صور من القتل العمد:
ووفقا لـ«الزهيرى» فى تصريحات لـ«صوت الأمة» فإن للقتل العمد صور كثيرة يتحقق فيها كلها الأمران المذكوران آنفاً، ومن هذه الصور:
1- ضربه بحد السيف فمات من ذلك الضرب، أو أطلق عليه رصاصاً، فأصابه فمات منه.
2- غرز إبرة في مقتل: كدماغ، وعين، وخاصرة، ومثانة وما أشبه ذلك، مما يقول عنه أهل الاختصاص: إنه مقتل، فإذا مات بسبب شيء من ذلك كان قتله عمداً.
3- ضربه بمثقّل كبير مثله غالباً، سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير الحديد، كالحجر الكبير، والخشبة الكبيرة.
4- حرقه بالنار، أو صلبه، أو هدم عليه حائطاً، أو سقفاً، أو وطأه بدابة أو سيارة، أو دفنه حيّاً، أو عصر خصيتيه عصراً شديداً فما، وكذلك أمثال هذه الحالات؛ فإن قتله بها يكون عمداً.
5-خنقه: بأن وضع يده على فمه، أو وضع مخدّة على فمه حتى مات من انقطاع النفس.
فأن خلاّه قبل أن يموت، فإن انتهى إلى حركة المذبوح، أو ضعف وبقي متألماً حتى مات، فذلك كله من قبيل القتل العمد.
6-أوجره سمّاً قاتلاً، أو حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات، أو سحره، وكان السحر مما يقتل غالباً، فكل هذا من القتل العمد.
7-ضربه بعصاً صغيرة، أو رماه بحجر صغير، إلا أنه وإلى بين الضرب أو الرمي حتى مات، أو اشتد به الألم وبقي متألماً حتى مات، فهذا أيضاً قتل عمد.
8-شهد رجلان عند القاضي على شخص بأنه قتل عمداً، فقُتل، ثم رجعا عن الشهادة، وقالا تعمدنا الكذب لزمهما القصاص، لأنهما تسبباً بإهلاكه، فكان ذلك بمنزلة القتل العمد منهما. 
الركن المعنوي في القتل العمد:
شكل القصد الجنائي في القتل :
لا تقع الجريمة في بعض الحالات إلاّ بتوافر القصد الجنائي الخاص ، بالإضافة إلى القصد الجنائي العام .
ويُقصد بالقصد الجنائي العام اتجاه إرادة الفاعل إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ، بينما يعني القصد الجنائي الخاص اتجاه إرادة الجاني إلى الوصول إلى غاية معينة من وراء حدوث النتيجة والمتمثلة في نيه إزهاق روح المجني عليه.
عناصر القصد الجنائي :
يشكل العلم والإرادة عنصري القصد الجنائي، ويُقصد بالعلم ضرورة علم الجاني بأركان الجريمة من نشاط ونتيجة .
ولا يكفي مجرد العلم، بل يجب أن يُضاف إليه إرادة النشاط والنتيجة، وبتطبيق ذلك على جريمة القتل يتضح أنه يتعين أن يعلم الجاني بأن المجني عليه مازال حيا «وهذا هو الشرط المفترض في الجريمة»، فلا تقوم جريمة القتل إذا قام شخص بالتمثيل بجثة آخر معتقدا أنه توفى، غير أنه اتضح أن هناك جهلا لدى الفاعل بواقعة أن المجني عليه كان حيا وأنه تسبب دون علم منه في وفاته، كما أن الجهل بالنشاط ينفي القصد الجنائي، فإذا استخدم الفاعل بندقية معتقدا أنها لعبة للأطفال ثم اتضح بعد خروج المقذوف منها غير ذلك، فإن القصد الجنائي ينتفي وإن أمكن أن يُسأل الفاعل عن جريمة القتل الخطأ إذا حدثت الوفاة أو الإصابة الخطأ في حالة عدم حدوث الوفاة. أما إذا لم يصب المقذوف أي شخص أو أي شيء، فإن الفاعل لا يمكن مساءلته من الناحية الجنائية، ذلك أن الشروع لا يكون إلاّ في الجرائم العمدية-طبقا لـ«الزهيرى» . 
201808280136393639
وأخيرا فإن الجهل بالنتيجة ينفي القصد الجنائي، ذلك أنه يعني أن الفاعل لم يقصد إحداث النتيجة ذاتها، وبالتالي فإنه لا يمكن مساءلة الفاعل مسئولية عمدية، فإذا اعتقد الفاعل وهو يضع مادة مخدرة في كوب للماء أنها مادة منومة ثم اتضح أنها مادة سامة، مما ترتب عليه وفاة المجني عليه، فإن هذا يدل على أنه لم يتوقع حدوث هذه النتيجة، وهذا لا يمنع من مساءلته على أساس القتل الخطأ، إذ كان يتعين على الفاعل أن يحتاط في سلوكه ويمتنع عن وضع المادة المخدرة قبل التحري والاحتياط .
الخطأ في الشخص والخطأ في الشخصية :
الخطأ في الشخصية لا ينفي القصد الجنائي، فإذا طعن زيد شخصا من الخلف معتقدا أنه عدوه عمرو فقتله واتضح أنه صديقه بكر، فإنه يسأل عن قتله لبكر عمدا، هذا بالإضافة إلى الشروع في قتل عمرو ونكون عندئذ بصدد تعدد معنوي للجرائم، ويُسأل الفاعل عن الجريمة الأشد فقط، وهي هنا جريمة القتل العمد .
القصد المحدود والقصد غير المحدود :
يتجه القصد المحدود إلى شخص أو أكثر معينين، بينما يتجه القصد غير المحدود إلى قتل عدة أشخاص دون تمييز بينهم، كمن يلق بقنبلة على جمع غفير من الناس .
القصد المباشر والقصد الاحتمالي :
وبحسب «الزهيرى»يتمثل القصد المباشر في إرادة إحداث نتيجة معينة فتحدث تلك النتيجة المقصودة، وهذه الصورة لا تثير صعوبات، أما القصد الاحتمالي، فإن الفاعل فيه يقصد تحقيق نتيجة وهو يقوم بنشاط معين ولكنه يتوقع احتمال أن تحدث نتيجة إجرامية أخرى بسبب النشاط الذي يأتيه فلا يمنعه هذا من المضي قدما في سلوكه فيقبل هذه النتيجة إن حدثت، طالما أنه مصمم على بلوغ مأربه، كالسائق الذي يقود سيارته بسرعة كبيرة للهروب من الشرطة ويتوقع أن يقتل أحد المارة فيقبل هذه النتيجة إن هي حدثت، لأن كل ما يهمه هو التخلص من مطاردة الشرطة له .
ومن أمثلة ذلك أيضا أن يصوب صائد سلاحه إلى طائر وهو يرى أن عدوا له يقف بعيدا عنه، بحيث إن الطلق الناري من المحتمل أن يصيبه، فيقتله فلا يعبأ بذلك، ويقبل هذه النتيجة إن هي حدثت، وكثيرا ما يحدث ذلك في الحوادث الإرهابية التي يطلق فيها الإرهابي النار على رجل الشرطة المستهدف مع أن هذا الأخير يتواجد مع أشخاص آخرين، ومن أمثلتها أيضا أن يسرق سائق أحد الركاب ويتركه ف مكان صحراوي موحش حتى يهرب قبل أن يبلغ عنه وهو يعلم أن هذا المكان غير مطروق في الساعات المتأخرة من الليل وأن احتمال أن يأكله الذئب أمر قائم، فلا يثنيه ذلك عن تركه موثقا في هذا المكان قابلا وفاته إن حدثت لأن ذلك في صالحه .
القتل بدافع الشفقة أو القتل الرحيم :
إذا توافر القصد الجنائي، بالإضافة إلى الركن المادي فإن جريمة القتل تقوم ولا عبرة عندئذ بالدافع، سواء أكان هذا الدافع نبيلا أم خبيثا .
وقد كان القتل بدافع الشفقة أحد الموضوعات التي أثارت صعوبات قانونية، ويُقصد بذلك أن يضع أحد الأشخاص نهاية لحياة أحد أحبابه بناء على طلب هذا الأخير حتى يضع حدا لعذابه ومعاناته المؤلمة عندما يكون مريضا بشكل لا أمل في شفائه مرضا يجعله دائما طريح الفراش، كما يتحقق هذا الفرض دون طلب من المجني عليه عندما تقتل الأم وليدها المشوه إشفاقا منها على حياته بعد ذلك وتجنبا للتعاسة التي ستلازمه طوال حياته .
إثبات نية القتل :
جريمة القتل لا تقوم إلاّ بتوافر قصد إزهاق الروح، وحيث إن هذا القصد أمر باطني يضمره الفاعل فإن مشاكل كثيرة تثور حول إثباته واستخلاصه من الوقائع، ومن قواعد إثبات هذه النية :
أ – لا يلزم أن تكون الأداة قاتلة بطبيعتها :
-لا يلزم أن تكون الأداة التي استعملت في القتل ما تحدث القتل عادة، ذلك أنه يمكن :
- توافر نية القتل مع أداة غير قاتلة بطبيعتها :
يمكن أن تتوافر نية القتل مع أن الأداة المستعملة غير قاتلة بطبيعته كالحجارة أو كالعصا.
- عدم توافر نية القتل مع أداة قاتلة بطبيعتها :
على الرغم من استعمال الجاني لأداة قاتلة بطبيعتها كسلاح ناري، فإن نية القتل لا تكون متوافرة لديه، تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن استعمال سلاح قاتل بطبيعته لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني».
ب-لا يلزم أن تكون الإصابة في مقتل :
استقر قضاء النقض على أنه لا يشترط إصابة المجني عليه في موضع معين للقول بتوافر نية القتل .
ج-سلطة محكمة الموضوع في استظهار نية القتل :
إثبات نية القتل مسألة موضوع، تقوم محكمة الموضوع بالتعرف عليها من وقائع القضية، في ذلك تقول محكمة النقض : «من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية». 
201808310334153415
الركن المادي في جريمة القتل:
يتكون الركن المادي في جريمة القتل من نشاط ونتيجة وعلاقة سببية، فجريمة القتل من الجرائم ذات النتيجة المادية وهي إزهاق الروح، ومادامت الجريمة لا تقوم إلاّ بحدوث نتيجة مادية، فإنه من اللازم توافر علاقة السببية بين النشاط والنتيجة.
النشاط في جريمة القتل:
النشاط في القتل يتحقق بكل فعل يؤدي إلى الوفاة، فلا عبرة بالوسيلة المستعملة، كما أن النشاط الإجرامي يمكن أن يكون إيجابيا أو سلبيا .
لا عبرة بالوسيلة المستعملة في القتل :
لا يعتد القانون بوسيلة معينة في القتل، هذا ما يبين من مطالعة المواد 230 وما بعدها من قانون العقوبات، فالمهم هو تحقيق الوفاة من فعل الفاعل، أيا كانت الوسيلة المستعملة .
فلا يلزم إذن أن تكون الوسيلة المستعملة مما يُستعمل عادة في القتل أو أن تكون صالحة بطبيعتها لإحداث الوفاة، فالوسيلة ليست من أركان القتل، لذلك قُضي بأنه «متى استبانت محكمة الموضوع من أدلة الدعوى وظروفها أن المتهم كان منتويا فيما صدر منه من الاعتداء قتل المعتدى عليه بفعل مادي موصل لذلك، فلا يهم إذن نوع الآلة المستعملة، مطواة كانت أم غير ذلك، مادام الفعل من شأنه تحقيق النتيجة المبتغاة. 
كما قضت محكمة النقض المصرية أيضا بأنه : « لا يقدح في ذلك أن الطاعنين استعملا في القتل آلة غير قاتلة بطبيعتها وهي عصا غليظة ، مادامت هذه الآلة تحدث القتل ومادام الطبيب قد أثبت حدوث الوفاة نتيجة إصابة رضية ، يجوز أن تكون من الضرب بعصا ».
كما قُضي بقيام جريمة القتل إذ دفع المتهم المجني عليه في بئر الساقية وعجل عليه متهم آخر بإلقاء حجر كبير عليه وهو في الماء.
فالمهم إذن أن تستظهر المحكمة توافر القصد الجنائي، أي نية القتل لدى الفاعل، فإذا ضرب شخص آخر بعصا أو بمطواة ففارق الحياة ، فإن على المحكمة أن تجيب على السؤال الآتي : هل كان الجاني قاصدا القتل ؟ الإجابة ليست دائما سهلة وخاصة في الفرض السابق ولكنها ضرورية لأنها تحدد ما إذا كانت الجريمة هي جريمة قتل أم هي جريمة ضرب أفضى إلى الموت، فإذا لم تتوافر نية القتل وتوفى المجني عليه، فالجريمة هي ضرب أفضى إلى الموت.
وتستظهر المحكمة توافر نية القتل أو عدم توافرها من ظروف وملابسات الحادث وعلاقة المتهم بالمجني عليه وسبب اعتداء الأول على الأخير وهي يمكن أن يقصد المتهم قتل المجني عليه بسبب الخلاف بينهما ؟ فإذا كان الخلاف غير خطير، فإن نية الجرح والإيذاء هي التي تتوافر عادة لدى المتهم .
وإذا داخل المحكمة شك في توافر أو عدم توافر نية إزهاق الروح لدى المتهم، فإن الشك يُفسر لمصلحة المتهم وتقضي بعدم توافرها مقتصرة في ذلك على توافر نية الإيذاء والجرح وتكون الجريمة ضرب أفضى إلى موت.
النتائج القانونية المترتبة على قاعدة عدم الاعتداد بنوع الوسيلة :
1 -من سلطة المحكمة أن تعاقب المتهم عن استخدامه لوسيلة لم ترد في قرار الاتهام والإحالة من النيابة العامة، ولا يعد ذلك مخالفة لقادة تقيد المحكمة بقرار الاتهام، ذلك أن هذا التقيد يقتصر على الوقائع، فلا تملك المحكمة إضافة واقعة جديدة لم ترد بقرار الاتهام والإحالة، أما نوع الوسيلة المستخدمة، فهو ليس من باب الوقائع .
2- فيما يتعلق بتسبيب الأحكام :
يترتب على قاعدة أنه لا عبرة بالوسيلة في القتل بعض النتائج على مستوى تسبيب الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة :
أ - لا يخطئ الحكم إذا ما أخطأ في تحديد نوع السلاح الذي اُستخدم القتل، فلا يعيبه أنه وصف السلاح بنوع معين بينما مواصفاته كما وردت في حيثيات المحكمة ترشح لنوع آخر من السلاح، فخطأ المحكمة هذا لا يعيب الحكم ولا يرتب ضرورة التعرض له بالنقض من جانب محكمة النقض.
ب – لا يعيب الحكم عدم تحدثه عن الوسيلة التي استخدمت في القتل إذا تحدت عن أن المتهم ضرب المجني عليه مثلا بآلة راضة قاصد قتله، دون تحديد نوع تلك الآلة، مادامت الوفاة قد حدثت فعلا من استعمال تلك الآلة، فهذه العناصر تكفي لصحة الحكم، ولا يستوجب عدم تحديد نوع السلاح الذي استخدم في القتل نقض الحكم. 
3805411-502917614
3 – فيما يتعلق بالقتل بالوسائل المعنوية :
تثور مشكلة مدى جواز الاعتداد بالوسائل المعنوية في القتل، فقد أنكر البعض أن يُسأل شخص عن جريمة قتل إذا روى خبرا مفجعا لشخص آخر مريض يمكن أن يقضي عليه هذا الخبر ، كما لو أخبره كذبا بوفاة ابنه في حادثة أو بخسارة أمواله وتجارته كلها . ويستند ذلك إلى أن ا لقتل هو إزهاق للحياة عن طريق المساس بالجسم. فالفاعل يصل إلى نفس المجني عليه مباشرة دون المرور بحسمه.
لكن رأيا آخر في الفقه يتجه إلى التسوية بين الوسائل المادية والوسائل المعنوية على أساس أن المادة 234 من قانون العقوبات استخدمت صيغة عامة «من قتل نفسا» دون أن تحدد وسيلة القتل، فيستوي لدى المشرع إذن استعمال الوسائل المادية أو الوسائل المعنوية.
غير أن هذا يثير صعوبة على مستوى علاقة السببية، إذ يجب أن يكون هذا الخبر هو سبب الوفاة، وجدير بالذكر أن هناك عاملا آخر بجانب الخبر المفجع، وهو مرض المجني عليه فيتعين على المحكمة أن تحدد : هل الخبر هو الذي أدى إلى الوفاة أم المرض هو الذي أنتج هذا الأثر ؟ أم الاثنان معا ؟ وفي الحالة الأخيرة، يلزم تحديد أيا من العاملين كان له الدور الأكبر في الوفاة، فإذا كان المرض قد وصل إلى درجة أن أي خبر مفجع يسبب الوفاة فإن علاقة السببية تكون قائمة بين المرض والوفاة وليس بين الخبر المفجع والوفاة.   
وبالتالي فإن المشكلة تقوم على مستوى علاقة السببية، مع افتراض التسوية بين الوسائل المعنوية والوسائل المادية .
ويترتب على عدم اشتراط وسيلة معينة للقتل أن الحكم بإدانة الشخص عن جريمة قتل لا يعد معيبا مستوجبا النقض إذا خلا من بين الآلة المستخدمة في القتل، لأن طريقة القتل ليست من البيانات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالتحدث عنها في الحكم، مادام قد ثبت لديها وقوع القتل فعلا، ولهذا فإن محكمة النقض قضت بأنه: «وحيث أنه وقد اقتنعت المحكمة بأن المجني عليه قتل عمدا، فإنه لا يعنيها بعد ذلك أن التحقيق لم يكشف عن الطريقة التي قُتل بها على وجه اليقين، وذلك بسبب حرص الجناة على إخفاء هذه الطريقة وما أقدموا عليه في سبيل تحقيق ذلك من وضع الجثة على شريط السكة الحديد يمر عليها القطار ويقطع أوصالها على النحو الذي وجدت عليه، على أن الذي تستنتجه المحكمة من وجود الدماء على العصا وعلى سلاح الشرشرة اللتين وجدتا في منزل القتيل هو أنهما استعملتا في إزهاق روحه ».
السلوك الإيجابي أو السلوك السلبي :
يستوي وفقا للرأي الراجح فقها والسائد قضاء أن يكون النشاط في الجريمة سلوكا إيجابيا أو سلوكا، والمقصود بالنشاط الإيجابي هو ذلك الذي يعبر عن تدخل من جانب الفاعل بقصد إحداث النتيجة، أما النشاط السلبي فيتمثل في الامتناع أي نكول الفاعل عن التدخل لحيلولة دون حدوث النتيجة .
ويتجه رأي آخر إلى عدم الاعتداد بالنشاط السلبي على أساس فلسفي وأساس قانوني، أما الأساس الفلسفي فيتلخص في أن الامتناع عدم وأن العدم لا يمكن أن يترتب عليه وجود ، وهو وقوع جريمة من الجرائم ذات النتيجة، أما الأساس القانوني لهذا الرأي فإنه يعتمد على انتفاء علاقة السببية بين النشاط والنتيجة لوجود عامل آخر فعّال هو الذي أحدث النتيجة بشكل مباشر.
وإذا طبقنا ذلك على جريمة القتل يتضح التالي :
أولا – بالنسبة لجريمة القتل الخطأ :
لا تُثار مشكلة قانونية حول النشاط السلبي إذا كان القتل خطأ لأن الإهمال صورة من صور النشاط في هذه الجريمة، والإهمال هو بالطبيعة نشاط سلبي : «من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح» ( مادة 238 عقوبات )،  فبالإضافة إلى الإهمال يعتبر عدم مراعاة القوانين واللوائح من قبيل الخطأ غير العمدي .
ثانيا – بالنسبة لجريمة القتل العمد :
ظهر خلاف في الرأي وخاصة فيما يتعلق بالتفرقة بين المساهمة الأصلية في جريمة القتل العمد والمساهمة التبعية بالمساعدة .
(أ‌) أثار الامتناع مناقشات فقهية من ناحية صلاحيته لاعتباره نشاطا في القتل، ويسود هذا الرأي الفقه والقضاء الفرنسي الذي لا يتصور وقوع القتل العمد بناء على مجرد الامتناع.
ويستند الرأي المنكر للنشاط السلبي في القتل إلى نفس الحجج التي قُيل بها للنشاط السلبي في الجرائم بوجه عام، فالامتناع عدم وهو كذلك لا يمكن أن يكون سببا كافيا لإزهاق الروح . ويُضاف إلى ذلك حجة عملية مفادها أن غير ذلك يؤدي إلى مسئولية كل شخص يرى المجني عليه مهددا بخطر الموت ولا يتدخل رغم ذلك، كمن يشاهد غريقا ولا يقوم بإنقاذه أو الطبيب الذي يرفض إجراء عملية جراحية لمريض في حالة خطيرة، فمن التوسع غير المقبول أن يسأل كلاهما عن جريمة القتل العمد، وقد تأثرت بعض أحكام قديمة للقضاء المصري بهذا الرأي، كالحكم الذي أصدرته محكمة دكرنس الجزئية في 22 فبراير سنة 1933 عندما قضت بأن جريمة التبديد لا تثبت في حق الحارس إذا امتنع عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على مال محجوز عليه، حال زراعته.  
ومن أمثلة ذلك أيضا حكم محكمة جنايات الزقازيق في 9 فبراير سنة 1925 الذي قضى ببراءة أم تركت وليدها يهلك بعد ولادته بامتناعها عن تغذيته.
غير أن الرأي الراجح في الفقه يتجه إلى المساواة بين النشاط الإيجابي والنشاط السلبي، أي أنه يؤيد وقوع القتل بالامتناع، وذلك في حالة وجود التزام قانوني أو اتفاقي بالقيام بعمل معين، فالأم التي لا تقوم بتغذية طفلها بقصد التخلص منه ترتكب جريمة قتل، كما يقوم الالتزام القانوني إذا وقع من الفاعل فعلا ضارا كمن تسبب في الحريق بإهمال، فهو يلتزم بأن يقوم بإطفاء هذا الحريق أو من يتسبب في حادثة، فإنه يلتزم بإسعاف المجني عليه.  
وجدير بالذكر أن القضاء المصري يعتبر الامتناع بمثابة نشاط سلبي في جريمة القتل الخطأ، تطبيقا لذلك قُضي بأن يرتكب جريمة القتل الخطأ حارس مجاز السكة الحديد إذا لم يبادر إلى تحذير المارة في الوقت المناسب وتنبيههم إلى قرب مرور القطار وتراخى في إغلاق المجاز من ضلفتيه ولم يستعمل المصباح الأحمر في التنبيه، وكذلك قُضي بمسئولية حارس المنزل «صاحبه» الذي يهمل في صيانته فينهار ويصيب سكانه بالأذى فيقتل بعضهم ويصاب سائرهم بجراح.
لذا نرى أنه على الرغم من عدم تعرض القضاء في مصر للقتل العمد بطريقة الامتناع، فإن النشاط في القتل يمكن أن يكون سلبيا، طالما أن التزاما قانونيا يقع على عاتق الفاعل، من ذلك الأم التي تمتنع عن تغذية وليدها أو كان هناك التزام تعاقدي كمن يصطحب شخصا كفيفا، فلا يحذره من خطر داهم يحدق به .
ب – المساهمة التبعية في القتل :
الاشتراك في القتل يقع إما بالتحريض أو بالاتفاق أو بالمساعدة، شأنه في ذلك شأن الاشتراك في سائر الجرائم، وواضح أن التحريض أو المساعدة يكفيان لإضفاء وصف الشريك على شخص لم يقم بدور إيجابي في الجريمة، أما المساعدة فقد اختلف حولها الرأي . 
فقد ذهب رأي في الفقه إلى أن المساعدة كوسيلة للاشتراك تقتضي أن يصدر من الشريك سلوك إيجابي ، فلا مساعدة يمكن تصورها بمجرد الامتناع، ويستندون في ذلك إلى تعبير المادة 40 - ثالثا عقوبات التي يجري نصها على أن «من أعطى الفاعل أو الفاعلين سلاحا أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها .. »، غير أن ذلك مردود عليه بأن نفس المادة أضافت إلى إعطاء السلاح والأشياء الأخرى قولها «أو ساعدهم بأي طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها»، فالمساعدة – في رأي اتجاه آخر في الفقه – كما تكون بعمل إيجابي تكون بسلوك سلبي أزال الفاعل بامتناعه عن قيامه عن القيام بواجبه القانوني عقبة كان يمكن أن يحول دون وقوع الجريمة، كالخفير الذي يرى الجريمة ترتكب ولا يحرك ساكنا لمنعها مع قدرته على ذلك. 
download (2)
لكن محكمة النقض قد صدر منها حكم غير حديث اتجهت فيه إلى استبعاد الاشتراك بالامتناع بقولها : «لا جدال في أن الاشتراك في الجريمة لا يتكون إلاّ من أعمال إيجابية ولا يترتب أيضا عن أعمال سلبية»، ولم تصدر بعد ذلك أحكام حديثة من القضاء المصري عن حالات الامتناع عن القيام بواجب قانوني أو تعاقدي، فهل إذا كان النشاط في المساهمة الأصلية صورة الامتناع ، أليس يمكن أن تقوم المساهمة التبعية بناء على الامتناع ؟ القول بعدم تصور المساهمة التبعية بالامتناع يتناقض مع الاعتداد بهذا الامتناع كنشاط للمساهمة الأصلية .
صور الامتناع السلبي :
يتخذ السلوك السلبي صورتين، الأولى – الامتناع البحث، الثانية، الامتناع المصاحب لسلوك إيجابي .
الصورة الأولى : الامتناع البحت
وفيها لا يصدر أي سلوك إيجابي للفاعل بل إنه يقف موقفا سلبيا يتمثل في الامتناع عن القيام بعمل يلزمه القانون أو الاتفاق على القيام به .
الصورة الثانية : الامتناع المصاحب لسلوك إيجابي
وفيها يقوم الفاعل بنشاط إيجابي ثم يتبعه نشاط آخر سلبي وتتحقق النتيجة تبعا لذلك بسبب الاثنين معا، ومن الأمثلة على ذلك ما قضت به محكمة النقض من أنه : « لا نزاع في أن تعجيز شخص عن الحركة بضربه ضربا مبرحا وتركه في مكان محروما من وسائل الحياة بنية القتل يعتبر فعلا عمدا، متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال، ففي هذا المثال يصدر من الفاعل نوعان من النشاط، أولهما إيجابي وثانيهما سلبي، ومن جملة هذه الأنشطة تتحقق النتيجة وهي الوفاة .
ويتحقق نفس الغرض في حالة ما إذا صدم قائد سيارة أحد الأشخاص بدون قصد وبدلا من أن يتوقف لنقله إلى المستشفى فضل الفرار هاربا من المسئولية وتوفى المصاب متأثرا بجراحه بينما كان يمكن إسعافه، فهناك نشاط إيجابي يتمثل في القيادة المسرعة ونشاط سلبي يتمثل في الامتناع عن نقل المصاب إلى المستشفى .  
وهذان النوعان من النشاط يمثلان وحدة واحدة ويمكن إقامة علاقة السببية بين هذه الأنشطة مجتمعة وتحقيق النتيجة وهي الوفاة، غير أن المسئولية هنا تقوم عن القتل الخطأ، لأن الفاعل في النوعين من النشاط لم يكن قاصدا إحداث النتيجة ، وهي قتل المجني عليه .
ولكن لا يتغير الأمر إذا ت وقف قائد السيارة وحاول إسعاف المجني عليه ولكنه توفى رغم ذلك ، فهو مسئول عن قتل خطأ طالما أن قيادته كانت خاطئة وتسبب بذلك في وقوع الحادثة، غاية الأمر أن القاضي يأخذ في اعتباره هذا السلوك عند الحكم بالعقوبة عليه ، فيميل عندئذ إلى التخفيف .
أما إذا كانت الحادثة تُعزى إلى الخطأ ، ولكن السائل عندما تبين أن المجني عليه هو عدو من أعدائه تعمد تركه يموت ، فإن هذا الامتناع يمثل نشاطا يصلح لقيام جريمة القتل . ذلك أنه قام بالإخلال بالتزام قانوني بأن يتوقف السائق لينقذ المضرور من الحادثة . ومصدر هذا الالتزام هو ا لفعل الضار.
وجدير بالذكر أن توقف السائق لا يكون التزاما حيث يخشى السائق
على حياته بسبب هذا التوقف من اعتداء الناس عليه .
إزهاق الروح
نتيجة في جريمة القتل
أهمية النتيجة :
تتحقق جريمة القتل ت تامة عند لحظة حدوث النتيجة وهي الوفاة . أما قبل ذلك فإن الجريمة تكون في حالة شروع ، وعلى هذا فإن جريمة القتل من جرائم الضرر وليست من جرائم الخطر ، طالما أن النتيجة المادية يلزم أن تحدث حتى تصبح الجريمة تامة . فإذا اعتدى الفاعل على المجني عليه قاصدا قتله ولكنه أُسعف بنقله إلى المستشفى ، وفي أثناء محاكمة الفاعل عن شروع في قتل توفى المجني عليه ، فإن على المحكمة أن تعدل وصف التهمة من الشروع في قتل إلى جريمة القتل التامة . وجدير بالذكر أن ف رقا يقوم بين الجريمتين من ناحية العقوبة . فهي أشد في حالة القتل عن الشروع في قتل .
(ب) النتيجة قد تحدث آجلا أو عاجلا :
قد يفارق ا لمجني عليه الحياة فور الفعل كما في حالة إطلاق الرصاص عليه في مقتل ، وقد لا يموت إلا‍ بعد فترة زمنية تطول أم تقصر . فلا عبرة بتأخر الوفاة عدة أيام أو عدة شهور طالما أن ا لفعل هو الذي سبب الوفاة ، أي علاقة السببية تقوم بين النشاط والنتيجة.
تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بمسئولية شخص عن جريمة القتل عندما طعن آخر بمطواة قاصدا قتله مع أن المجني عليه لم تزهق روحه إلاّ بعد علاج دام ثمانية وخمسين يوما بالمستشفى من أثر جرح في تجويف الرئة.
فإذا توفى المجني عليه في أثناء محاكمة الفاعل عن شروع في قتل ، فإن المحكمة تعدل وصف التهمة من شروع في قتل إلى القتل . وعليها في هذه الحالة أن تنبه المتهم إلى حدوث تعديل في التهمة حتى يقدم دفاعه على هذا الأساس .
أما إذا توفى المجني عليه بعد الحكم على المتهم من محكمة الجنايات عن شروع في قتل ( ذلك أن ا لشروع في قتل هو من الجنايات ) فإنه لا يجوز إعادة محاكمة المتهم مرة أخرى عن القتل ، لأنه لا يجوز محاكمة شخص عن فعل واحد مرتين . والمقصود بالفعل هنا هو النشاط . وليس للنيابة العامة أن تطعن في الحكم على أساس الخطأ في تطبيق القانون أو في تفسيره . فحكم المحكمة الصادر عن تهمة الشروع في قتل قبل أن يموت المجني عليه حكم صحيح وقت صدوره ولم تخطئ المحكمة في حكمها . 
علاقة السببية في القتل
المقصود بعلاقة السببية وأهميتها :
يلزم في جريمة القتل شأنها في ذلك شأن كل جريمة مادية أن يكون النشاط هو الذي تسبب في حدوث النتيجة ، وهو ما يطلق عليه علاقة السببية .
والأمر يكون واضحا إذا كان سلوك الفاعل هو السبب الوحيد في الوفاة ، كمن يطلق الرصاص على شخص ، فيموت حالا أو من يقدم السم في طعام إلى آخر فتحدث الوفاة بالتسمم حالا ، غير أن علاقة السببية تثير بعض المشكلات القانونية في حالتين :
الحالة الأولى : تراخي حدوث النتيجة
في هذه الحالة تتداخل عوامل أخرى لتساهم مع فعل الفاعل في إحداث النتيجة . ومن ذلك أن يهمل المجني عليه في علاجه أو أن يخطئ الطبيب في أثناء إسعافه للمجني عليه . وهنا يثور التساؤل حول السبب الذي ينسب إليه النتيجة . هل إلى إصابة المجني عليه بالرصاص أم هل إلى إهمال المجني عليه ، أم هل إلى خطأ الطبيب ؟ هل تُعزى النتيجة إلى أحد العاملين ، أم كلاهما معا ، وما مدى مسئولية الفاعل في هذه الحالة الأخيرة ؟
السببية القانونية والسببية الطبيعية :
تختلف السببية القانونية عن السببية الطبيعية كما يحددها الطبيب . فإذا قرر هذا الأخير بعد فحص الجثة أن ا لوفاة ترجع إلى نزيف داخلي نتج عن ضغط على المخ مما أدى إلى انفجاره بسبب التأخير في نقل المجني عليه إلى المستشفى ، فإنه يتحدث عن السبب الطبيعي للوفاة . أما القانونيون فإنهم يتحدثون عن السببية من الوجهة القانونية . فإحداث جرح نافذ برأس المجني عليه يجعل نشاط الفاعل سببا للوفاة . وما التأخير في نقل المجني عليه إلى المستشفى إلاّ بأمر مألوف بحسب ظروف الواقعة أو المكان .
معيار علاقة السببية :
تتنازع علاقة السببية نظريتان : الأولى ؛ نظرية تعادل الأسباب والثانية نظرية السببية الملائمة .
أما بالنسبة لنظرية تعادل الأسباب فإنها تعطي لكافة الأسباب دورا في حدوث النتيجة دون تمييز بينها .غير أنه إذا كان بين هذه الأسباب فعل إنساني ، فإن النتيجة تُنسب إلى هذا الفعل . فإذا أطلق شخص عيارا ناريا بقصد قتل آخر وتمّ نقله إلى المستشفى ، حيث اشتعلت النار بها فتوفى المصاب في الحال ، فإن علاقة السببية تقوم بين النشاط وإزهاق الروح ويُسأل الفاعل عن جريمة القتل ، لأنه لولا إطلاق النار على المجني عليه لما نُقل إلى المستشفى ولما تعرض لخطر الحريق .
ولا يختلف الأمر إذا أخطأ الطبيب خطأ جسيما في أثناء إجرائه لعملية جراحية فإنه وإن كان هناك عاملان إنسانيان : السلوك العمد من الفاعل والسلوك الخاطئ من الطبيب ، فإن النشاط الأول في التسلسل السببي هو الذي تُنسب إليه النتيجة. وبالتالي فإن إطلاق الرصاص على المجني عليه هو السبب الذي ترتبط به النتيجة وهي الوفاة، إذ لولا هذا النشاط لما نقل إلى المستشفى ولما كان هناك خطأ جسيم من الطبيب .
ويوجه النقد إلى نظرية تعادل الأسباب بسبب أنها تؤدي إلى التوسع في مسئولية الفاعل ، بحيث تُنسب كافة النتائج إلى الفعل الأول الذي حرّك التسلسل السببي ، أيا كانت قوة الأسباب التي تتداخل بعد ذلك وتأثيرها ومدى توقع حدوثها . ومن ناحية أخرى فإنها تترك تساؤلا كبيرا دون إجابة وهو الآتي : إذا طعن شخص آخر بمطواة قاصدا قتله ، ثم بعد ذلك حضر شخص آخر دون اتفاق معه فألقى المجني عليه في النهر ، فأجهز عليه بذلك ، وكانت الحالة السيئة التي عليها المجني عليه قد سهلت على المتهم الأخير إتمام مهمته ، فإذا قلنا بأن النتيجة تُعزى إلى المتهم الأول ، فما هي مسئولية المتهم الثاني ؟ وهل تُنسب جريمة القتل إلى الاثنين سويا مع أنه لا يوجد مساهمة جنائية بينهما أي لا يتوافر اتفاق أو تفاهم ؟ 
download
لما كانت نظرية تعادل الأسباب تلقي بالمسئولية على الفاعل الأول ، فإن نظرية السببية الملائمة تفضلها في أنها تقيم التفرقة بين الأسباب ولا تعتد فقط بالسبب الأول الذي حرك التسلسل السببي للأحداث . فهي تسند النتيجة إلى السبب الذي تتوافر فيه الإمكانات الموضوعية لإحداث النتيجة وتستبعد العوامل الأخرى التي تتداخل والتي يكون حدوثها مألوفا بحسب المجرى العادي للأمور. ولذا فإن هذه النظرية الأخيرة تصل في تطبيقها إلى نتائج مختلفة عن نظرية تعادل الأسباب . فالأسباب التي تتدخل ولا تكون مألوفة بحسب المجرى العادي للأمور كالحريق الذي يشب بالمستشفى وكخطأ الطبيب الجسيم ، هذه العوامل تقطع علاقة السببية بين نشاط الجاني وإزهاق الروح . ولا يُسأل الفاعل عندئذ إلاّ عن شروع في قتل .
ويميل القضاء المصري إلى تبني نظرية السببية الملائمة ، على الرغم من أن بعض أحكامه تصرح بأن علاقة السببية تقوم إذا أمكن تصور حدوث النتيجة ولو لم يرتكب الفعل . فنظرية السببية الملائمة أيضا لا يتصور أن تنسب النتيجة إلى عامل لم يكون ضروريا في إحداثها أي إذا كانت النتيجة
سوف تحدث على أية حال سواء تواجد هذا العامل أم لم يتواجد . 
عدم انقطاع علاقة السببية :

لا تنقطع علاقة السببية في حالتين :

1- إهمال المجني عليه في العلاج :
لا تنقطع علاقة السببية في رأي محكمة النقض في حالة توافر أسباب أو عوامل أخرى ، طالما كانت مألوفة بحسب المجرى العادي للأمور . لذلك قضت محكمة النقض بأن علاقة السببية تقوم رغم إهمال المجني عليه في العلاج. كما قضت المحكمة بأن المجني عليه لا يُلزم بإجراء عملية جراحية من شأنها أن تعرضه للخطر أو أن تحدث له آلاما مبرحة وأنه إذا رفض ذلك وتوفى أثر مضاعفات من جروحه ، فإن الفاعل يُسأل عن القتل العمد باعتبار أنه كان عليه وقت ارتكاب فعلته أن يتوقعها. كما قضت بأنه لا يدفع مسئولية المتهم أن المجني عيه أو ذويه رفضوا بتر ساقه وأن هذا البتر كان يُحتمل معه نجاته.
2 – مرض طارئ أصاب المجني عليه :
فما يصيب المجني عليه من مرض طارئ أو من مضاعفات من الإصابة التي أوقعها به المتهم لا تقطع علاقة السببية ويُسأل هذا الأخير عن الوفاة إن هي حدثت طالما كان المرض أو المضاعفات أمرا مألوفا بحسب المجرى العادي للأمور .
3 – انقضاء مدة بين الفعل والوفاة :
طول المدة المنقضية بين الإصابة وبين الوفاة لا تقطع علاقة السببية . تطبيقا لذلك قُضي أن المتهم بالقتل العمد مسئول عن وفاة المجني عليه التي لم تحدث إلاّ بعد ثمانية وخمسين يوما طالما كان ذلك أمرا متوقعا وفقا للمجرى العادي للأمور.
- انقطاع علاقة السببية :
تنقطع علاقة السببية بين الفعل والوفاة إذا تداخل ب ينهما عامل غير متوقع . ويستوي في العامل غير المتوقع الذي يقطع علاقة السببية أن يكون ناتجا عن فعل إنسان لم يتفق معه الفاعل أو بفعل الطبيعة كما في مثال الحريق الذي يسب بالمستشفى.
الظروف المشددة فى جريمة القتل العمدى:
1. سبق الأصرار
2. الترصد
3. القتل بالسم
4. اقتران القتل بجناية
5. ارتباط القتل بجناية او جنحة. 
أولا/القتل مع سبق الآصرار

تعريفة:-
هو القصد المصمم علية لآرتكاب جريمة تعد جناية اوجنحة يكون الغرض منها هو أيذاء شخص معين ومحدد أو ايذاء اشخاص غير معينة أو محددة
ويقوم سبق الآصرار على عنصرين هما:-
أ‌- عنصر زمنى:- وهى تلك الفترة الزمنية التى تمرمن وقت تفكير الجانى فى الجريمة حتى وقت التنفيذ والبداء فى ارتكاب الآفعال المادية المكونة للجريمة
ب‌- عنصر نفسى:- وهى حالة الهدوء التى يمر بها الجانى فى التفكير فى الجريمة واسلوب ارتكابها وميعاد ارتكابهاوالخطة الازمة والحلول المناسبة فى حالة وجود عناصر مفاجئة غير متوقعة تظهر وقت التنفيذ
فمتى توافر هذان العنصران نكون بصدد جريمة قتل مع سبق الآصرار وظرف مشدد للعقوبةعن تلك الجريمة وتطبييقا لذلك قضت محكمة النقض بمسألة المتهم وشريكتة عن جريمة قتل عمد مع سبق الآصرار لما توافر لديهم من اصرار على قتل زوج المتهمة الثانية من اجل استمرار المتهمين فى علاقاتهم الآثمة( راجع القضية ص 55 حتى57)
علة التشديد:-
ترجع علة التشديد فى عقوبة القتل مع سبق الآصرار نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجانى حيث قام بالتفكير فى أرتكاب الجريمة بهدوء وتروى واقدم على أرتكابها مع علمة بوجود العقوبة المشددة الا ان وجود تلك العقوبة لم يردعة عن تنفيذها
سبق الاصرار وتعدد الجناة:-
يثور هنا التسأول حول مدى امكانية القول بتوافر سبق الاصرار فى حالة تعدد الجناة ؟
والثابت ان سبق الآصراريتوافر فى حالة تعدد الجناة مرتكبى الجريمة الآ ان هذة القاعدة ليست مطلقة فقد لايتوافر سبق الآصرارلدى كافة المساهمين حيث قد تنشأء فكرة القتللدى مرتكبى الجريمة فجأة وفى حالة غضب دون انيكون لديهم الوقت فى التفكير والتدبير لآرتكاب الجريمة وبالتالى ينتفى النصر الزمنى فى الجريمة وبالتالى ينتفى الظرف المشدد فى جريمة القتل المبرر
أثبات سبق الآصرار:-
سبق الاصرار انما هوحالة ذهنية تثور لدى الجانى فهو امر داخلى غير محسوس لا يمكن التنباء بة ومن ثم فأن القضاء يستند الى توافر سبق الآصرارلدى الجانى عن طريق الآستناد الى الأدلة المادية المحسوسة الظاهرة من وقائع وظروف وملابسات الجريمة ومتى توافرت تلك الظروف المادية واستند اليها القاضى للتدليل على توافر سبق الأصرار فأنة يجب علية ان يبن تلك الظروف فى حكمة والا كان حكمة معيباً يستوجب البطلان وتطبيقاً لذلك يكون نعى المتهم على حكم المحكمة غير صحيح اذا ما ذهبت فى حكمها الى توافر سبق الاصرار لدى الجانى فى جريمتة اذا ماتبين من الوقائع المادية توافر سبق الاصرارحيث قضت فى خكمها بمعاقبة المتهم عن جريمة قتل مع سبق الاصرار وذلك لقيامة برصد حركات المجنى عليها وتتبع خطواتها الدائمةواعدادة سكيناً لأ ستعمالة فى أزهاق روحها فى الوقت الذى تكون فية هى فى البيت بمفردها بعد ان قضت على مستقبلة العلمى وما ان ظفر بها حتى اعمل سكينة فيها الآمر الذى ادى معة الى احاث الآصابات الواردة فى الصفى التشريحية والتى اودت بحياتها. 
عقوبة القتل مع سبق الأصرار:-

هى الأعدام.

ثانيا الترصد

تعريفة:-
هو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت او قصرت بهدف أرتكاب جريمتة وأيذا شخص معين
ويقوم الترصد على عنصرين هما:-
أ‌- عنصر مكانى:- وهو تربص الجانى للشخص الذى يرغب فى ايذائة فى مكان ما انتظارا لقومة لارتكاب جريمتة هذا المكان فديكون مكان عام كانتظار المجنى علية فى الشارع العام او انتظارة فى حديقة عامة او فى بستان وقد يكون المكان خاص كانتظار المجنى علية فى شرفة المنزل او مستشفى خاص مغلق ابوابة
ب‌- عنصر زمانى:- وهى الفترة الزمنية التى تمر والجانى فى انتظار وصول المجنى علية لآرتكاب جريمتة هذة المدة قد تكون طويلة وقد تكون قصيرة
وتطبيقا لذلك قضت المحكمة بتوافر الترصد فى شأن المتهمين لقيامهم بالتربص للمجنى علية فى الطريق انتظارا لعودتة من المسجد الى البيت من اجل أزهاق روحة.
علة التشديد:-
وترجع علة التشديد فى عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجانى بالا ضافة الى مايدل على توافر الجبن والخسة والنذالة فى شخصية الجانى وخوفة من مواجهة المجنى علية واحساسة بقوة المجنى علية التى قد تعوقة عن اتمام جريمتة كما ان التربص يتوافر فية عنصر المفأجأة بالنسبة للمجنى علية فيشل حركتة ويمنعة من التفكير فى المقاومة مما يسهل على الجانى جريمتة.
الطبيعة القانونية للترصد:-
الترصد شأنة شأن سبق الاصرار انما هوحالة ذهنية تثور لدى الجانى فهو امر داخلى غير محسوس لا يمكن التنباء بة ومن ثم فأن القضاء يستند الى توافر الترصدلدى الجانى عن طريق الآستناد الى الأدلة المادية المحسوسة الظاهرة من وقائع وظروف وملابسات الجريمة ومتى توافرت تلك الظروف المادية واستند اليها القاضى للتدليل على توافرالترصد فأنة يجب علية ان يبن تلك الظروف فى حكمة والا كان حكمة معيباً يستوجب البطلان الا انة لايشترط الآرتباط بين الترصد و سبق الاصرار فقد ياتى كلا واحد منهم منفردا عن الاخرفقد يتوافر لدى الجانى الترصد دون سبق الاصرار كما هو الامر فى حالة نشؤفكرة القتل لدى الجانى فيترسد للمجنى علية الذى يمر من أمامة فيقوم بقتلة دون يتوافر لدية العنصر الزمنى للتفكير الهادىء المتروى فى ارتكاب الجريمة وقد يتوافر سبق الاصرار دون الترصد لدى الجانى وذلك عندم يفكر بهدوء وتروى فى ارتكاب جريمتةدون ان ينتظر المجنى علية ويترصد لة فيقوم بقتلة بمجرد رؤيته. 
عقوبة القتل مع الترصد:-

هى الآعدام.

رابعاً أقتران القتل بجناية.

المقصود من أقتران القتل بجناية:-
ويقصد بة هو ان يرتكب الجانى جريمة قتل عمدى ثم يعقب ارتكابة لتك الجريمة جريم اخرى تعد من الجنايات خلال فترة زمنية قصيرة من ارتكابة لجريمة القتل
واذا كانت القواعد العامة تقضى بمعاقبة المتهم بالعقوبة الاشد بالنسبة للجرائم المتعددة المرتبطة ببعض التى لا تقبل التجزئة كجريمة هتك عرض فى الطريق العام تقوم به جريمتين جريمة هتك عرض وجريمة فعل فاضح فى الطريق العام، وهنا يعاقب الجانى بالعقوبة الأشد وإذا كانت القواعد العامة أيضا تقضى بمعاقبة المتهم بتعدد العقوبات بالنسبة للجرائم التى لا ترتبط ببعضها ارتباط يقبل التجزئة كجريمة قتل مستقلة أو جرائم سرقة متعددة مستقلة فيعاقب عن كل جريمة من تلك الجرائم إلا أن المشرع خرج عن تلك القواعد ونص على معاقبة المتهم بعقوبة مشددة بالنسبة لجريمة القتل العمد التى ترتبط بجناية. 
download (1)
علة التشديد:-
وترجع علة التشديد فى عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجانى.
شروط التشديد:-
أ‌- ارتكاب الجانى جريمة القتل العمدى.
ب‌- اقتران جريمة القتل بجريمة اخرى تعد جناية.
ت‌- توافر رابطة زمنية بين جريمة القتل العمدى والجناية الأخرى.
الشرط الأول:- ارتكاب الجانى جريمة القتل العمدى:-
حيث يشترط أن يرتكب الجانى جريمة قتل عمدى متوفر فيها كافة أركان الجريمة وشروطها وبالتالى لا نكون بصد جريمة قتل عمدى اذا ما وقفت الجريمة عند حد الشروع أو أن الجانى مرتكب الجريمة كان يستفيد من سبب من أسباب الأباحة كالدفاع الشرعى مثلاً أو يستفيد من مانع من موانع المسئولية كصغر السن أو الجنون أو عاهة العقل أو كان يستفيد من عذر مخفف كقتل الزوجة دفاعا عن الشرف.
كما لا يتوافر الاقتران إذا ما كانت جناية القتل جناية قتل خطاء واعقبها جناية اخرى مثال ذلك(كما لو ان الجانى كان يسير مسرعاً بسيارتة فصدم شخص وقتلة وعندما كان يحاول الهرب امسك بة المجنى علية الثانى فقام الجانى بضربة ادت الى احداث عاهة مستديمة بة ففى هذة الحالة يعاقب المتهم عن جريمتى قتل خطاء وجريمة عاهة مستديمة.
الشرط الثانى:- اقتران جريمة القتل بجريمة اخرى تعد جناية:-
كذلك يشترط لتشديد العقوبة هو ان تقترن جريمة القتل بجريمة أخرى تعد جنايةبغض النظر عن نوع تلك الجناية فقد تكون قتل اخرى اوقد تكون سرقة بالآكراة او قد تكونحريق عمدى أو عاهة مستديمة وبناء علية فلا يتوافر ذلك الشرط إذا ماكانت الجريمة المقترنة بالقتل تعد من الجنح او من المخالفات ويشرط فى تلك الجناية الثانية توافر شرطيين هما:-
i. ان تكون الجناية المقترنة بالقتل معاقب عليها:-
وبالتالى فلا نكون بصددجناية اذا ما كا ن المشرع لم ينص على عقاب بالنسبة لنلك الجريمة او كانت
تلك الجريمة غير معاقب عليها لوجود سبب من أسباب الأباحة أو من مانع من موانع المسئولية
أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عن جريمة القتل العمدى:-
بمعنى استقلال السلوك المرتكب من الجانى فى جريمتة الثانية عن الجريمة الأولى وعلى ذلك فلا تتحقق جريمة أقتران القتل بجناية اذا ماكان سلوك الجانى الواحد قد أحدث النتيجتين كما لوقام الجانى بأعمال سلاحة فى موجهة المجنى علية قاصدا قتلة فقتلة ونظراُ لوجود المجنى علية الثانى بجوار الأول فخرجت الرصاصة وأصابت الثانى واودت بحياتة فهنا نكون بصدد تعدد معنوى للجريمة ويعاقب المتهم عن جريمتين قتل ويعاقب بالعقوبة الآشد.
كذلك لا يقوم الآقتران إذا ما كان القتل عنصرا فى الجناية الآخرى كجريمة السرقة بالآكراة التى صاحبها جريمة قتل، فاذا ما كان السلوك المرتكب من الجانى فى جريمتة الثانية مستقل عن الجريمة الاولى فاننا فى هذة الحالة نكون بصددجريمة أقتران القتل بجناية.
الشرط الثالث:- توافر رابطة زمنية بين جريمة القتل العمدى والجناية الأخرى:-
ويقصد بها مرور فترة زمنة من الوقت فاصلة بين ارتكاب جريمة القتل وارتكاب الجناية المقترنة بها هذة الفترة الزمنية لم يحددها المشرع ومن ثم فقد تطول تلك الفترة وقد تقصر فقد تكون بضع ساعات وقد تكون بعد القتل بيوم أو يومين وتقدير توافر تلك الرابطة الزمنية هو أمر موضوعى متروك للقاضى تحديدة.
عقوبة القتل المقترن بجناية:- هى الآعدام أو السجن المشدد.
خامساً ارتباط القتل بجناية او جنحة.
ويقصد برتباط القتل بجناية او جنحة:-
هو أن يرتكب الجانى جريمة القتل العمدى من أجل تسهيل مهمته فى أرتكاب جريمة تعد من الجنايات أو من الجنح أو مساعدة مرتكبى تلك الجريمة، كمن يقتل حارس العقار عمداً من أجل تسهيل عملية سرقة العقار أو كمن يقتل المجنى علية بعد سرقتة من أجل الفرار بالمسروقات.
علة التشديد:-
وترجع علة التشديد فى عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجانى حيث بلغ بة الآستهتار بحياة المجنى علية واقدم على القتل من اجل تسهيل ارتكابة جريمة اخرى ذى قيمة اقلبكثير من حق المجنى علية فى الحياة.
شروط التشديد:-
أ‌- أن يرتكب الجانى جريمة القتل العمدى.
ب‌- ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية أو جنحة.
ت‌- توافر رابطة السببية بين الجريمتين.
الشرط الأول:- أن يرتكب الجانى جريمة القتل العمدى.
حيث يشترط ان يرتكب الجانى جريمة قتل عمدى متوفر فيها كافة اركان الجريمة وشروطها وبالتالى لانكون بصد جريمة قتل عمدى اذا ما وقفت الجريمة عند حد الشروع او ان الجانى مرتكب الجريمة كان يستفيد من سبب من اسباب الأباحة كالدفاع الشرعى مثلاً او يستفيد من مانع من موانع المسئولية كصغر السن أو الجنون أو عاهة العقل أو كان يستفيد من عذر مخفف كقتل الزوجة دفاعا عن الشرف.
الشرط الثانى:- ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية أو جنحة.
حيث يشترط حتى نكون بصدد ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية أو جنحة ان تكون الجريمة المرتبطة بالقتل العمدىجريمة تعد جناية اوجنحة وبالتالى لا نكون بصدد أرتباط إذا ما كانت الجريمة الثانية من المخالفات كذلك يشترط فى تلك الجريمة المرتبطة ان يكون معاقب عليهاوبالتالى فلا نكون بصددارتباط اذا ما كا ن المشرع لم ينص على عقاب بالنسبة لنلك الجريمة او كانت تلك الجريمة غير معاقب عليها لوجود سبب من اسباب الأباحة أو من مانع من موانع المسئولية كذلك يشترط أن تكون تلك الجريمة مستقلة عن الجريمة الاولى وتقوم مسئولية الجانى ويعاقب بالعقوبة المشددة سواء وقعت الجريمة الثانية فى صورة تامة أو وقفت عند مجرد الشروع بغض النظر عن نوع تلك الجريمة جناية اوجنحة قتل عمدى او خطاء سرقة مشددة أو مخففة مثال ذلك كمن يتسبب خطاء فى قتل شخص ثم يقتل ظابط الشرطة عمدا من أجل افرار من عقوبة القتل الخطاء.
الشرط الثالث:- توافر رابطة السببية بين الجريمتين:-
ويقصد بر ابطة السببية هنا هو الباعث او الهدف الذى من اجلة قام الجانى بأرتكاب جريمة القتل العمدى ثم اتبعها بجريمة اخرى جناية او جنحة ورابطة السببية هنا تأتى فى صورتين هما:-
1. الصورة الأولى:- ان يكون الهدف او الباعث على ارتكاب جريمة القتل العمدى هو تسهيل ارتكاب الجريمة الثانيةاو المساعدة على ارتكايها كمن يقتل حارس العقار عمداً من اجل تسهيل عملية سرقة العقار او كمن يقتل المجنى علية بعد سرقتة من اجل الفرار بالمسروقات
2-الصورة الثانية:- أن يكون الهدف أو الباعث على ارتكاب جريمة القتلهو التخلص من المسئولية الجنائية الناشئةعن الجريمة الأخرى كمن يقتل ظابط الشرطة بعد سرقة المجوهرات من اجل الفرار بالمسروقات او كمن يقتل شاهد الاثبات فى جريمةالقتل من اجل التخلص من شهادتة ضدة
فمتى توافرت رابطة السببية بهذا الشكل نكون بصدد ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية او جنحةبغض النظر عن الفترة الزمنية التى تفصل بين الجريمتين.
وتقدير توافر رابطة السببية امر موضوعى متروك للقاضى تحقيقة ومتى توافرت رابطة السببية فأنة يجب علية ان يبن تلك الظروف فى حكمة والا كان حكمة معيباً يستوجب البطلان وتطبيقاً علية يكون ماقضت بة المحكمة فى حكمها صحيحاً حينما قضت بأدانة المتهمين وتوقيع عقوبة القتل المشدد نظراً لما أستخلصتة من اقوال المتهنمين وأعترافهم وشهادة شاهدى الآثبات بأن قتل المجنى عليها قد تم بهدف سرقة الحلى الخاصة بها وتسهيل عملية الفرار بالمسروقات
عقوبة القتل المرتبط بجناية أو جنحة:- هى الآعدام أو السجن المشدد.

الأحد، 24 نوفمبر 2019

الأساس القانوني لعذر المفاجأة بالزنى

الأساس القانوني لعذر المفاجأة بالزنى   " منقول " 
إن من يفاجأ بزوجته أو إحدى محارمه في حالة التلبس بالزنى، فأنه يكون قد فوجئ بما يؤذيه بأعز ما يملك وهو عرضه وشرفه واعتباره، لذلك فهو يصاب بأقسى ما يصاب به الرجل الشريف الذي يعتز بخلقه ودينه وشرفه. وأمام هذا المنظر البشع يشعر هذا الزوج (أو المحرم) بفداحة المساس الذي نال شرف أسرته فتكون نتيجة ذلك ان تنتابه ثورة نفسية تفقده السيطرة على نفسه فيندفع إلى فعله غير مقدر مخاطره على النحو الذي كان يقدرها به لو كان في حالته العادية(1)، إذ تثور كرامته ويستولي عليه الغضب لدرجة لا يدع له المجال إلى التفكير أو التروي فيفقد السيطرة على أعصابه ويقدم على ارتكاب جريمة القتل أو الاعتداء على زوجته أو إحدى محارمه وشريكها وهو واقع تحت تأثير هذا المشهد المؤلم ليثأر لشرفه، ولا ريب أن الاستفزاز(2) العنيف هو العامل الأساس والسبب الرئيس لذلك(3). فالاستفزاز الخطير(4) يولد حالة الغضب الذي يضع الشخص الواقع تحت تأثيره خارج نطاق نفسه ويقلل من محاكمته للأمور إذ لم يعد سيد نفسه حين ارتكاب الجريمة(5). والاستفزاز في هذه الحالة خاص بحالة معينة وليس عاماً(6)، وإن لم ينص على ذلك صراحة(7).  ويمكن القول إن القانون قد قدر الظرف الخاص للزوج أو المحرم وحالته النفسية التي كان عليها نتيجة هذا الاستفزاز، أي أنه من الأعذار الخاصة التي لا يجعل لها الشارع اعتباراً الا بالنسبة إلى جرائم معينة محصورة بحيث لا تنتج اثرها في التخفيف الا بالنسبة إلى هذه الجرائم دون غيرها ومن أجل هذا كان الموضع الطبيعي لبحث هذه الأعذار هو القسم الخاص من قانون العقوبات إذ تفصل أحكام كل جريمة على حدة، والمثل الواضح لهذه الأعذار المخففة الخاصة في القانون المصري هو العذر المقرر في المادة (237) عقوبات(8)، وفي القانون العراقي هو في المادة (409) عقوبات. فقانون العقوبات المصري يعرف الاستفزاز كعذر قانوني مخفف في حالة المفاجأة بالزنى دون غيرها، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه (الغضب لا يعتبر عذراً مخففاً الا في حالة الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنى فقتلها هي ومن يزني بها)(9). كما أن بعض قوانين العقوبات العربية ايضاً لا تجعل من الاستفزاز عذرا مخففاً الا في هذه الحالة، كقانون العقوبات الليبي (المادة/375) منه وقانون الجزاء الكويتي (المادة/153) منه. والحقيقة أنه لما كانت المفاجأة بالتلبس بالزنى تستفز الزوج أو المحرم وتغضبه لذلك فهي لا تعطيه فرصة للتفكير الهادئ، إذ أن هول المنظر وبشاعة الجريمة تضيق كثيراً من حرية اختياره وقابليته على الإدراك والتمييز(10) مما يدفعه إلى ارتكابه الجريمة. وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة العليا في ليبيا بأنه (نحا القانون الليبي منحا كثير من التشريعات فعّد من الاعذار القانونية المخففة للعقاب من يفاجئ زوجته بجريمة الزنى فيقتلها هي أو شريكها. وراعى لذلك عذر ما يكون للاستفزاز من الأثر في الحد من إرادة الجاني وقدرته على التحكم فيما يصدر عنه من أعمال…)(11). وهناك اتجاه في الفقه يرى إن المفاجأة المفجعة والمشهد المروع الذين من شأنهما أن يقللا عن المرء قوة الإدراك والتمييز وأن يلقيا الاضطراب في عقله وحكمته(12). ويلاحظ على هذا الاتجاه إن هول المفاجأة إذ يؤثر في الإدراك والتمييز بوصفهما مصطلحان مترادفان لأمر واحد وليس أمرين، فأنه يؤثر في حرية الاختيار بنحو أكثر فاعلية إذ يفقد المرء السيطرة على نفسه فيقدم على ارتكاب الجريمة(13). ونعتقد إن المفاجأة بزنى الزوجة أو إحدى المحارم التي تغضب الجاني وتجعله في حالة من الهياج النفسي والعصبي مما يؤثر في حرية اختياره في تلك اللحظة إذ يفقد قدرته على ضبط نفسه وتوجيه ارادته فتضيق كثيراً لديه حرية الاختيار فهو لا يرى الا القضاء على الزانيين. وتجدر الاشارة إلى أن قوانين العقوبات قد اختلفت في موقفها من الاستفزاز الناتج عن المفاجأة حال التلبس بالزنى عند ارتكاب جريمة القتل أو الايذاء. ويمكن القول أنها أصبحت في مجموعتين :

المجموعة الأولى من القوانين عدتّه مجرد عذر مخفف للعقاب، كقانون العقوبات العراقي (المادة/409) منه والمصري(المادة /237) منه والجزاء الكويتي (المادة /153)منه والاردني (المادة /340) منه واللبناني (المادة /562) منه.

والمجموعة الثانية عّدته عذراً معفياً من العقاب مع بعض الاختلاف في الأحكام، كقانون العقوبات السوري (المادة/548) منه وسلطنة عمان (المادة/252) منه والجزاء العثماني الملغى (المادة/188) منه.

وهناك اتجاه في الفقه العراقي(14)، يدعو إلى عّد التلبس بالزنى عذراً معفياً من العقاب – وهو ما ذهبت إليه المجموعة الثانية من قوانين العقوبات- لأن الجاني يندفع إلى فعله تحت تأثير ثورة النفس ونار الغضب الذي يلهب في نفسه الغيرة الشديدة على شرفه المثلوم، وحتى لا يقال لمثله ديوثاً(15). وتجدر الاشارة إلى إن الزوج أو المحرم قد يقدم على ارتكاب جريمته في مثل هذه الأحوال وهو هادئ البال دون أن يغضب او أن ينفعل، أي أنه تمكن من ضبط نفسه رغم حالة الاستفزاز الخطير الذي يصاب بها أي شخص يكون في مثل هذا الموقف، فهل يمكن القول باستفادته من العذر المخفف مع ان الغضب لم يعتريه! نعتقد أن الجاني في هذه الحالة يستفيد من العذر المخفف بموجب النص القانوني للمادة (409) عقوبات الذي خوله أو فوض له الأمر بالانتقام من المجنى عليها وشريكها أو احدهما عند ضبطه لهما في حالة التلبس بالزنى عندما لا يكون عالما أو راضيا مسبقا بذلك وفرض عليه عقاباً مخففاً في هذه الحالة. فالنص لم يلزم اثبات حالة الانفعال لدى الجاني. كما يمكن القول أن الزوج أو المحرم قد يكون سيئ الأخلاق ومع ذلك يرتكب جريمة القتل أو الاعتداء حال المفاجأة بتلبس زوجته أو إحدى محارمه بالزنى. لذلك نعتقد أنه يستفيد من العذر المخفف ايضاً بعّد إن الاساس القانوني لعذر المفاجأة بالزنى متوفراً وقد استفزه منظر الخيانه، إذ لا شأن لأخلاق الجاني أو ماضيه بذلك، وهذا لا يمنع من الاستفادة من العذر المخفف عند توفر شروطه.

____________________

1- ينظر د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات- القسم الخاص، مرجع سابق، ص132.

2- يعرف الاستفزاز الخطير بأنه صورة من الانفعال العنيف يعاني الشخص اثناءها من فقدان السيطرة على نفسه فيرتكب الجريمة تحت ضغط هذا الانفعال، وكل ذلك نتيجة لصدور عمل جائر وغير محق من جانب المجنى عليه. ينظر سعدية محمد كاظم، الاستفزاز، ط1، مطبعة العاني، بغداد، 1984، ص15. وتجدر الاشارة إلى ان الاستفزاز في القانون الأنكليزي يغير وصف القتل العمد (Murder) إلى قتل بغير عمد (Manslaughter).

3- ينظر علي السماك، مرجع سابق، ج3، ص359.

4- عدّ قانون العقوبات العراقي الاستفزاز الخطير، من قبيل الاعذار القانونية المخففة العامة، إذ نصت المادة (128/1) منه على أنه (… يعتبر عذراً مخففاً ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناءً على استفزاز خطير من المجنى عليه بغير حق). والاعذار القانونية المخففة العامة هي تلك التي تشمل بالتخفيف جميع الجرائم حال توفرها فعلاً. ينظر د. ضاري خليل محمود، الوجيز في شرح قانون العقوبات- القسم العام، ط1، دار القادسية للطباعة، بغداد، 1982، ص112.

5- ينظر فخري عبد الرزاق الحديثي، الاعذار القانونية المخففة، مرجع سابق، ص138.

6- ينظر المحامي محسن ناجي، مرجع سابق، ص495.

7- ينظر أحمد أمين بك، شرح قانون العقوبات الأهلي، المجلد الثاني، ط3، الدار العربية للموسوعات، بيروت-لبنان، 1982، ص567.

8- ينظر د. رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، دار الفكر العربي، القاهرة، 1974، ص87. حسن الفكهاني، موسوعة القضاء والفقه للدول العربية، ج20، الدار العربية للموسوعات القانونية، القاهرة، 1977-1978، ص558.

9- طعن رقم 1502 جلسة 25/10/1943. اشار إليه حسن الفكهاني وعبد المنعم حسني، الموسوعة الذهبية للقواعد القانونية، الاصدار الجنائي، ج10، الدار العربية للموسوعات، القاهرة، 1981، ص151.

10- يراد بحرية الاختيار قدرة الشخص على توجيه ارادته إلى عمل معين أو الامتناع عنه. ويراد بالإدراك والتمييز استعداد الشخص أو قدرته على فهم طبيعة أو صفة افعاله وتقدير نتائجها. ينظر د. ضاري خليل محمود، البسيط في شرح قانون العقوبات- القسم العام، ط1، مكتبة عدنان، بغداد، 2002، ص66.

11- جلسة 8/يونية /1955. اشار إليه د. محمد سامي النبراوي، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات الليبي، مطابع دار الكتب، بيروت-لبنان، 1972، ص537.

12- ينظر د. عبد الستار الجميلي، جرائم الدم، ج1، مطبعة دار السلام، بغداد، 1972، ص394.

13- ينظر د. ضاري خليل محمود، تفاوت الحماية الجنائية، مرجع سابق، ص42 هامش رقم4.

14- ينظر د. ماهر عبد شويش، شرح قانون العقوبات-القسم الخاص، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة  الموصل، العراق، 1988، ص207. سعدية محمد كاظم، الاستفزاز، مرجع سابق، ص159.


15- الديوث: القواد على أهله، والذي لا يغار على أهله. وفي الحديث (تحرم الجنة على الديوث). ينظر أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي، لسان العرب المجلد الثاني، مصدر سابق، ص150.

هل الرجل هو القانون؟

هل الرجل هو القانون؟د. أماني فؤادعند سؤال عينة من الشباب والرجال في تقرير لاستطلاع الرأى حول حادث قتل الفتاة الفلسطينية في الأيام الماضية من قبل ذويها كانت الإجابات معظمها: نعم سأقوم بقتلها لو علمت أنها تخرج بصحبة أحد الشبان، ولن أطيق هذا. هذه الفتاة ليست حالة فردية بل نموذجا لما تتعرض له كثير من النساء في البلاد العربية كلها، قتل المرأة، والاستخفاف بها، منع حقوقها وعدم تمكينها منها، المعايير القانونية المزدوجة والظالمة في التعامل معها فيما يسمى بجرائم الشرف، كلها قضايا إنسانية مجتمعية لا ينبغى استمرار الصمت في مواجهتها.
تمنيت لو أن من يجرى الاستطلاع سألهم: ماذا ستفعل لابنك الشاب إذا خرج مع إحدى الفتيات؟
ولذا أتمنى أن تبادر جريدة «المصرى اليوم» بفتح تحقيقات صحفية موسعة اجتماعية ــ علمية ــ دينية يشارك فيها بالرأى علماء من تخصصات مختلفة من النساء والرجال: علم اجتماع، ونفس، وتاريخ، وقضاه، شيوخ مستنيرون للإجابة عن عدد من الأسئلة لرصد ما تلاقيه المرأة من ظلم على أصعدة متعددة، وتوضيح أسبابه العميقة، وإنارة الطريق لجميع شرائح وفئات المجتمع لمحاولة تطوير ثقافتنا الاجتماعية، وتصويب الوعى المتوارث وبيان عواره.
لعلنا يجب أن نوجه للجميع أسئلة من قبيل: لماذا يسوغ الرجل لنفسه قتل المرأة، وكيف ينظر إليها؟، وهل يعدها كيانا مستقلا؟، هل يؤمن بحرياتها أم يتعامل معها كملكية خاصة؟، ما هو المعنى الحقيقى للشرف؟، هل لأن المرأة الحلقة الأضعف يتحكم بها ويسلط عليها العنف الذي يقع عليه بأى شكل من الأشكال؟، هل تحمى القوانين المرأة وحقوقها أم تسهم في هوانها؟.
أحسب أن ظاهرة العنف في مجتمعاتنا تعود لعدة أسباب أولها: سيطرة الخطاب الأكثر إلحاحا متمثلا في الخطاب الدينى السلفى والإخوانى المتشدد الذي يتردد فيه إن رأيت منكرا غيّره، وتدرجوا فيه بالوسائل حتى التغير باليد، وفى دولة مدنية يحكمها قانون ليس واردا أن يغير الفرد ما يراه هو؛ لأن «هو» تلك تخضع للأهواء والانفعالات، تتحدد بمستوى علم هذا الفرد أو جهله، التغيير باليد هذا تطوره الأمثل يد القانون وتنفيذ الدستور ومواده والتمكين منها، والرجل ليس هو القانون. وتعد فكرة القوامة سببا ثانيا: فهى مستند دائم يمتلكه الرجل للتحكم بالمرأة، والقوامة من أول المفاهيم التاريخية التي يجب إعادة تأويلها في خطة تحديث الخطاب الدينى لما تسببه من تحكم وعنف يمارس على المرأة، تعليم المرأة وعملها وخبراتها مقومات تهدم فكرة القوامة وتحولها لفكرة المشاركة. وفى تصورى مهادنتنا للمقولات الدينية وإعادة تفسيرها وتأويلها من الداخل لا تحل المشكلات بل تفرغها من بعض عنفها لدى الأقلية، وتستمر بمضمونها القديم لدى الأكثرية وهو ما لا يحقق شيئا على أرض الواقع، يجب أن نكون أكثر وضوحا مع المقولات التاريخية.
كما أن هناك جانبا أساسيا يجب أن نلتفت إليه ونحن نواجه قضايانا وأقصد به مناقشتها من منظور عقلى منطقى، وتجنيب المنظور الدينى الخلافى الذي لا نتقدم من خلاله لأى منجز اللهم المزيد من الفرقة والعنف.
وعلى المستوى القانونى ليس من المنطقى أنه في واقعة قام بها طرفان رجل وامرأة يتم معاقبة المرأة ويخرج الرجل شاهدا لو تم القبض عليهما.
كما أنه في جريمة الزنا في حال لو ضبط الرجل زوجته متلبسة وقتلها تخفف له عقوبة القتل من ثلاث سنوات حتى يوم واحد في المادة 237 من قانون العقوبات، في حين لو ضَبطت المرأة زوجها يخونها وقامت بقتله قد تصل عقوبتها للإعدام. ولا أعرف على ماذا استند مشرعو القوانين في فلسفة هذا الازدواج؟، هل الرجل فقط هو الكائن الإنسان الذي يقع تحت الضغط الانفعالى فلا يعود يسيطر على فعله فيعاقب بحكم مخفف، والمرأة كيان آخر صاغر ينبغى أن يحتمل كل شىء وليس من حقها أي انفعال؟. عجيب هذا المجتمع الأبوى، فتارة يرون المرأة عاطفية وانفعالية، لا تصلح لتقلد القضاء وليس لها ولاية، وتارة أخرى يطلبون منها أن تكون مثل جبل الثلج، عليها أن تحتمل كل تجاوزات الرجل الأخلاقية والتسامح معها وكأنها لم تحدث.
وعلى خلفية ازدواج المعايير الإنسانية في عقوبة هذه الجريمة أطالب بتغيير هذه المادة من القانون حيث لا تراعى المساواة بين الجنسين، وتتجاهل تماما إنسانية المرأة وكونها ذاتا فردية قائمة بنفسها لا يُنتقص منه شىء.
كثيرة هي القضايا التي تتعلق بالمرأة في مجتمعاتنا العربية والتى من أجلها أدعو الجريدة لحراك مجتمعى نقاشى يحرك هذا الظلم الشامل الذي يتسبب في النهاية بموتها أو إهانة كرامتها والانتقاص منها.

جريمة القتل شبة العمد غير مجرمة في قانون العقوبات المصري

جريمة القتل شبة العمد غير مجرمة في قانون العقوبات المصري " منقول "
=============


حقيقة القتل العمد: هو أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً، كالسيف والسكين وغيرهما، مما هو محدد أي: (الآلات الحادة)، وكذلك ضربه بمثقل كبير يقتل مثله غالباً. سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير الحديد كالحجر الكبير، ويدل لذلك ما رواه أنس رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع بك هذا؟ فلان فلان؟ حتى ذكروا يهودياً، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقرّ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين. رواه البخاري. ومعنى رض رأسها: أي: دق. ويدخل في العمد أيضاً: إطلاق الرصاص على المجني عليه فيموت منه، وغرز إبرة في مقتل فيموت منه... إلخ. وحقيقة شبه العمد: أن يقصد المكلف الجناية على إنسان معصوم الدم بما لا يقتل عادة، كأن يضربه بعصاً خفيفة، أو حجر صغير، أو يلكزه بيده، أو بسوط، أو نحو ذلك فيصيب منه مقتلاً فيموت من ذلك. قال البهوتي في كشاف القناع: (وشبه العمد أن يقصد الجناية: إما لقصد العدوان عليه، أو قصد التأديب له، فيسرف فيه بما لا يقتل غالباً، ولم يجرحه بها فيقتل، قصد قتله، أو لم يقصده، سمي بذلك لأنه قصد الفعل، وأخطأ في القتل..) إلخ. كشاف القناع(5/603) وحقيقة القتل الخطأ: أن يفعل المكلف ما يباح له فعله، كأن يرمي صيداً، أو يقصد غرضاً، فيصيب إنساناً معصوم الدم فيقتله، أو كان يحفر بئراً، فيتردى فيها إنسان، .. إلخ. فقه السنة للسيد سابق(2/438). وعرفه ابن قدامة بقوله: (والخطأ: وهو أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله). الكافي (4/3)
والقتل العمد يوجب أموراً أربعة:
1-الإثم.
2-الحرمان من الميراث.
3-الكفارة فيما إذا عفا ولي الدم أو رضي بالدية. أما إذا اقتص من القاتل فلا تجب عليه الكفارة.
4-القود: أي (القصاص) أو العفو.
ويوجب شبه العمد أمرين:
1-الإثم، لأنه قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق.
2-الدية المغلظة على العاقلة.
كما يوجب القتل الخطأ أمرين:
1-الدية المخففة على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
2-الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين. وأصل ذلك قول الله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً)[النساء:92] ولا يأثم القاتل هاهنا لأنه لم يتعمد القتل ولم يقصده. وبناءً على ما تقدم، فإن كان القصد من الضرب الاعتداء بغير حق وإلحاق الأذى بما لا يقتل غالباً فهو شبه عمد، وليس من قبيل الخطأ. وإن انتفى قصد الاعتداء مثل أن يرمي صيداً فيصيب إنساناً فهو خطأ. ولمزيد من التفصيل يمكنك مراجعة المغني لابن قدامة، وكشاف القناع للبهوتي، وفقه السنة للسيد سابق، والفقه المنهجي على مذهب الشافعي لمصطفى الخن، والبغا، والشوربجي لذلك سوف نستعرض في بحثنا هذا جريمة القتل شبة العمد في الإسلام ومقارنة مع جرائم القتل في القانون .
أنواع جرائم القتل في الشريعة الإسلامية
* القصاص هو عقوبة مقدّرة تجب حقاً للفرد، فنجدها تتفق مع جرائم الحدود، حيث العقوبة مقدّرة في كلتا الجريمتين، ولكن الاختلاف يبدو واضحاً لصالح من تكون هذه العقوبة..؟ أو بمعنى أوضح من هو صاحب الحق فيها ..؟ ففي جرائم الحدود نجد حق الله هو الغالب، ولايُثار نقاش في هذا الصدد إلا في جريمة القذف، كما لا يجوز العفو فيها. أما القصاص فيبدو حقاً للعبد، حيث لا تطبق العقوبة إلا بناء على طلب المجني عليه، والشريعة الإسلامية أخذت بالمبدأ في هذا النوع من الجرائم، حيث حددت الجرائم والعقوبات تحديداً غير قابل للشك أو التأويل، كما نصت على تطبيق القصاص في القتل، وإتلاف الأطراف عمداً، والجرح العمد، أما الدية فتطبق في حالة العفو من صاحب الحق في القصاص أو قيام مانع شرعي من تطبيق الحد.
أدلة التجريم:
من أدلة التجريم في جرائم القصاص والدية ما جاء في قوله تعالى :(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق). وقوله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان). ويقول العمد:له عليه وسلم- :" من قُتل له قتيل فأهله بين خيرتين:إن أحبوا فالقود -أي القصاص-، وإن أحبوا فالعقل-أي الدية-".
أنواع الجــرائم في القصاص والدية :
القتل العمد :
وهو أن يقصد القاتل قتل المجني عليه بضرب محدد، أو بإحراق أوم خنق أو سم أو أية طريقة من طرق القتل العمد. في هذه الحالة يوجب القصاص، غير أن الحنيفة يرى عكس ذلك، حيث يرى أن القصاص يُوجب في القتل بالحديد. القتل شبه العمد :
وهو الجريمة التي لايقصد مرتكبها قتل المجني عليه، وتأخذ غالباً الضرب وسيلة لها، وهناك خلاف بين الفقهاء، حيث يرى بعضهم والمشهورون منهم أنه يجب تكييفها كالقتل العمد، ويرى البعض الآخر أنه يجب أن تكون كالقتل الخطأ، غير أن هناك فريقاً ثالثاً يرى ضرورة تغليظ الدية وفقاً لمذهب الشافعي.
* قتل شبه العمد: هو أن يقصد بجناية لا تقتل غالباً إنساناً معصوم الدم ولم يجرحه بها فيموت بها المجني عليه، كمن ضربه في غير مقتل بسوط، أو عصا صغيرة، أو لكزه ونحو ذلك. فالضرب مقصود، والقتل غير مقصود، فسمي شبه عمد، ولا قصاص فيه. * حكم قتل شبه العمد: محرم؛ لأنه اعتداء على آدمي معصوم. * تجب الدية في قتل شبه العمد والخطأ مع الكفارة، أما قتل العمد العدوان فلا كفارة فيه؛ لأن إثمه لا يرتفع بالكفارة لعظمه وشدته. * يجب في قتل شبه العمد: الدية المغلظة والكفارة، كما يلي:
 1- الدية المغلظة: مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((.. ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل: منها أربعون في بطونها أولادُها)). أخرجه أبو داود وابن ماجه .
* تتحمل العاقلة هذه الدية أو قيمتها كما سبق، وتكون هذه الدية مؤجلة على ثلاث سنين.
2- الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، وتجب الكفارة من مال الجاني خاصة؛ لمحو الإثم الذي ارتكبه.
* لم يجب القصاص في شبه العمد؛ لأن الجاني لم يقصد القتل، ووجبت الدية؛ لضمان النفس المتلفة، وجُعلت مغلظة؛ لوجود قصد الاعتداء، وجعلت الدية على العاقلة؛ لأنهم أهل الرحمة والنصرة، ولزمت الكفارة الجاني عتقاً أو صياماً؛ لمحو الإثم.
* يستحب لأولياء القتيل العفو عن الدية، فإن عفوا سقطت، أما الكفارة فهي لازمة للجاني.
* يجوز تشريح الميت عند الضرورة لكشف الجريمة، ومعرفة سبب الوفاة باعتداء؛ صيانة لحق الميت، وصيانة لحق الجماعة من داء الاعتداء.
كما يجوز عند الضرورة تشريح جثث الموتى من الكفار لكشف المرض، والتعلم والتعليم في مجال الطب.
* قتل الغِيْلة: هو ما كان عمداً وعدواناً على وجه الحيلة والخداع، أو على وجه يأمن معه المقتول من غائلة القاتل، كمن يخدع إنساناً ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد ثم يقتله، أو يأخذ ماله قهراً ثم يقتله؛ لئلا يطالبه أو يفضحه ونحو ذلك، فهذا القتل غيلة يُقتل فيه القاتل مسلماً كان أو كافراً حداً لا قصاصاً، ولا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد، ولا خِيرة فيه لأولياء الدم.
* من خلص نفسه من يد ظالم له فتلفت نفس الظالم أو شيء من أطرافه بذلك فلا دية له.
القتل الخطأ:
وهو الفعل الذي ينتج عنه القتل دون أن يكون الفاعل قاصداً فعله، فلا قصاص في هذه الحالة، مثال ذلك شخص يريد أن يرمي صيداً فرمى شخصاً ماراً في منطقة الصيد، أو حفر بئر فوقع فيه إنسان، ففي الأمثلة السالفة ذكرها نجد أن الجاني لم ينو قتل المجني عليه، ولا يوجد لديه قصد جنائي على حد تعبير القوانين الوضعية، ففي هذه الحالة تنتفي العلة من القصاص، وقد جاء قوله تعالى :( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وكان الله عليماً حكيما). ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في دفع دية القتل الخطأ : " عشرون حُقة وعشرون جذعة، وعشرون بنت محاض، وعشرون بنت لبون".وهذان النصان يُحرمان القتل ويحددان العقوبات، غير أن الدية في وقتنا الحاضر ليس بالإمكان دفعها، وذلك بسبب اختلاف قيمة الإبل مع بقاء قيمة الفرد دائماً على ما هي عليه، فكيف يمكن تطبيق هذه الدية إذا كانت الناقة يبلغ ثمنها تسعمائة دينار ليبي، إن لم يكن أكثر من ذلك.
الجروح وعقوبتها:
حدد الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعض الجروح وترك البعض الآخر والجروح المحددة هي :
1-أرش الموضحة: وهي الجروح التي تصيب الرأس وتكشف العظم، وجعل عقوبتها خمسة من الإبل.
2 - أرش الهاشمة : وهي الجروح التي تهشم العظم، وجعل عقوبتها عشرة من الإبل.
3- أرش الأمة والدامغة : وهي الجروح التي تصل إلى الجلدة القريبة التي تغطي المخ، وجعل عقوبتها ثلث الدية.
أما الجروح التي لم تحدد فيجبل تحديدها عن طريق أهل الخبرة، ولكن بشرط عدم وصول ديتها إلى مستوى الجروح المنصوص عليها.
كما حددت العقوبة في قطع الأطراف، فيجب دفع دية كاملة إذا كان العضو المقطوع يوجد منه واحد في جسم الإنسان، مثل اللسان، وعضو الذكر، أما إذا كان العضو يوجد منه اثنان في جسم الإنسان فتكون العقوبة نصف الدية، مثال ذلك قطع اليد، وفقأ العين، حيث حددت العقوبة بخمسين من الإبل.
شروط القاتل : يجب أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا قصاص على الصبي والمجنون، مع اعتبار أفعالهما في حكم القتل الخطأ، أما السكران فيُعاقب بالقصاص، أما المأمور إذا كان مأموراً لرئيس يجب عدم مخالفة أوامره -مثال ذلك تنفيذ الأوامر العسكرية- ففي هذه الحالة يجب تطبيق القصاص في حق الآمر والمأمور، أما إذا لم تكن طاعة الأمر واجبة يقتص من المأمور فقط.
شروط المقتول :لا يُقتص إلا إذا كان المقتول مساوياً له في الدم أو أعلى منه، فلا قصاص للأدنى من الأعلى، ولا قصاص للكافر من المسلم، ولا قصاص للعبد من الحر، وهناك من يرى أنه لا قصاص في حالة قتل الرجل للمرأة، وبالرغم من هذه الخلافات نرى أن الأمر أصبح متساوياً ما دامت النتيجة هي إزهاق الروح، خصوصاً وأن الدين الإسلامي دين عدل ومساواة ولا يؤمن بالفوارق الطبقية، كما أن الآيات التي تفرق بين العبد والحر قد نسخت.
مبدأ الشرعية في جرائم التعازير
في الحقيقة إننا لا نريد تأكيد المبدأ من عدمه في هذا النوع من الجرائم من الوهلة الأولى، بل سوف نتعرض لدراسة الآراء المؤيدة للمبدأ والمعارضة له حتى نستطيع أن نستخلص ما إذا كان قد أُخذ بالمبدأ من عدمه في هذا النوع من الجرائم.
التعريف اللغوي : هو التأديب وأصله من العزر، وهو المنع ومنه قوله تعالى :(تعزروه) بمعنى العدو عنه ومنعه.
التعريف الفقهي : التعزير عقوبة غير مقدرة تجب حقاً لله والآدمي في كل معصية ليس فيه حد أو كفارة، وهي تتفق مع الحدود، حيث تهدف إلى التأديب والإصلاح والزجر وتختلف عن الحدود في الآتي :
1 - تعزير ذوي الهيئات أخف في جرائم التعازير، وتتساوى في الحدود، والحقيقة أن المقصود بذوي الهيئات هم أصحاب المكانة الاجتماعية المرموقة، فيرى بعض الفقهاء أنه يجب أن يختلفوا في تعازيرهم عن العامة، ويبررون هذه النظرة الطبقية بأن هؤلاء قابلين أكثر من غيرهم للإصلاح، وأن ارتكابهم للمخالفة لا ينم عن شخصية ذات خطورة إجرامية، وقد جاء تأييد لمعاملة هؤلاء معاملة مختلفة عن أهل البذء والسفاهة في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"اقبلوا ذوي الهيئات عزاءهم".
2- جرائم التعازير يجوز فيها الشفاعة والعفو من ولي الأمر، وهي على عكس جرائم الحدود.
التعازير حق لله وحق للعبد، والحقوق في التعازير تنقسم إلى قسمين، منها ما هو حق لله، ومنها ما هو حق للعبد، والمقصود بحق الله هو الحق الذي يحقق منع ضرر عام عن الناس ولا يُقصد به رفع الضرر عن أشخاص محدودين مثل تلك الأفعال التي تمس فرداً بعينه، ولكنها تشكل خطورة على العامة فتكون العقوبة التعزيرية مانعاً عاماً لمحاربة الفساد داخل الأمة، ومن حقوق الله الخالصة تعزير فاطر رمضان، وتارك الصلاة، وحاضر مجلس الشرب، أما حق العبد فهو الحق الذي يتعلق به مصلحة أحد الأفراد.
ولكن هناك بعض الحالات التي يكون التعزير فيها حقاً لله تعالى وحقاً للفرد ولكن الطابع الغالب فيها هو حق الله تعالى، مثل تقبيل الزوجة آخر وعناقها والخلوة بها ومع ذلك قد يكون أحياناً حق الفرد غالباً على حق الله، مثل ذلك في السب والشتم، حيث يتم بشكل اعتداء على شرف وكرامة الفرد، ففي هذه الحالة نجد اعتداء على حق الله لأن الشارع حث على كف الأيدي عن الغير.
النتائج المترتبة على التفرقة :
1- في حالة التعزير الواجب حقاً للفرد إذا كان حقه غالباً على حق الله، لا يُطبق التعزير إلا بناء على دعوى من المجني عليه، ولا يجوز للقاضي إسقاط حقه أو العفو أو الشفاعة.
2- التعازير الواجبة حقاً لله يجوز لكل فرد أن يقيمها وقت القيام بالمعصية استناداً إلى أنها من باب إزالة المنكر.
3- إذا كان التعزير حقاً للفرد يجوز تكرار العقوبة بتكرار الجناية، أما إذا كان حقاً لله فلا يُقام إلا تعزير واحد.
4- من ناحية انتقال فإن ذلك يكون الإرث في التعازير التي تكون من حق الأفراد من جانب المجني عليه لا من جانب الجاني، بمعنى أن المجني عليه إذا مات جاز لأهله حق المطالبة بالتعزير، على عكس ما إذا مات الجاني فلا يجوز مطالبة ورثته، أما إذا كان حقاً لله فلا يُورث، لأن حقوق الله لا تنتقل بالوراثة، غير أنه لا يوجد حق خالص للفرد، فما من حق للفرد إلا يكون متعلقاً به حق المجتمع بأسره ولو كان ذلك بطريق غير مباشر.
أقسام التعازير : تنقسم التعازير إلى ثلاثة أقسام :
1- تعزير على المعاصي : ويُقصد بمفهوم المعصية إتيان أفعال حرمت الشريعة القيام بها وترك الأفعال الواجب القيام بها.
2- تعازير يُقصد من ورائها تحقيق مصلحة عامة، وتكون على أفعال لم تُحرم لذاتها، وإنما حُرمت بأوصافها، ولا يشترط أن يكون الفعل معصية.
3- تعازير على المخالفات : وهي الأفعال التي حُرمت بذواتها ولكنها ليست معصية.. والفرق الجوهري بين هذه الأقسام الثلاثة هو أننا نجد القسم في الأول عنصر التجريم بصفته دائماً، أم القسم الثاني فإن تجريمه ليس على سبيل الديمومة، ولا يقوم التجريم إلا بتوافر وصف معين، أما القسم الثالث فيكون إما مأموراً به أو منهياً عنه، وفي الحالتين يعتبر ما أُمر به أو نُهي عنه مخالفة وليس معصية.
أنواع العقوبات في التعازير : سبق أن تحدثنا عن العقبعضها:التعازير، ورأينا أنها غير مقدرة سواء أكانت حق الله أو حقاً للعبد، بل هي متروكة لولي الأمر يحددها بحسب ما يراه كافياً ومحققاً للردع العام والردع الخاص، وعدم التحديد لم يأت جزافاً أو قصوراً في الشريعة الإسلامية، ولكن كان ذلك لحكمة، إذ أن المولى -عز وجل- حدد بعض الأفعال التي لا تختلف من وقت إلى آخر، وتأثيرها دائم والنظرة إليها مستهجنة في المجتمع الإسلامي، فنص عليها وحددها في جرائم الحدود والقصاص، أما التعازير فهي من العقوبات المرنة التي جعلها الله سبحانه وتعالى من اختصاص ولي الأمر في المجتمع الإنساني نظراً لتجدد الأحداث وتغير أحوالها، كما أن النظرة إلى النظام العام والمصلحة العامة متغيرة، فلو حددت الأفعال سلفاً واسُتحدثت بعض الأفعال سيصبح من الصعوبة بما كان إيجاد عقوبات لهذه الأفعال، وبالتالي يفلت العديد من المجرمين في حق المجتمع من العدالة، نظراً لأن الأصل في الأشياء الإباحة، وما لم يُجرّم الفعل فلا عقوبة عليه وهذا أحسن دليل على مرونة الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان، أما العقوبات التعزيرية فهي كثيرة ومتنوعة فكل ما لم يُطبق فيه حد أو قصاص يدخل في إطار العقوبات التعزيرية، وأهم هذه العقوبات : القتل، الضرب، النفي، الحبس، التعزير بأخذ المال، العزل، التوبيخ.
وبعد هذا التحديد سنتحدث بإيجاز على سبيل المثال عن بعضها :
عقوبة القتل تعزيزا : هناك اختلافات بين الفقهاء في شرعية عقوبة القتل تعزيزا، فالعديد منهم يُجيز هذه العقوبة مثال المالكية، حيث أجازوا القتل في جريمة التجسس لصالح العدو وأيدهم في ذلك بعض الحنابلة كابن عقيل، وقد دب الخلاف بينهم حول قتل شارب الخمر وهل يعتبر حداً أم تعزيراً، وإذا أخذنا حديث قبيصة ابن ذويب الذي قال فيه إن الرسول -صلى الله عليه وسلم قال :"من شرب خمراً فاجلدوه شخصاً شاربا فإن عادها جلدة وإن عادة المرة الثالثة أو الرابعة فكانت العقوبة الجلد ورفع القتل فكانت رخصة"، وعند أبي حنيفة يجوز القتل في حالة فساد الجاني وعدم قابليته للإصلاح، كما أجازت طائفة من أصحاب الشافعي قتل الداعية لمخالفة الكتاب والسُنة. أما المعارضون لعقوبة التعزير بالقتل فقد استندوا إلى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه :"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة" ويرون أن هذه العقوبة مطبقة في ثلاثة حالات ولا يجوز أن تطبق فيما لم يرد في هذا الحديث.. ويرى المؤيدون للقتل تعزيزا أن هذه العقوبة وردت في العقوبات المحددة، وبما أنه نص عليها كعقوبة هذا دليل على مشروعيتها، أما تنظيم استخدامها فهذا شيء آخر غير المشروعية.
ما الفرق بين القتل قصاصاً أوحداً أو تعزيزا ؟
شرع الله عز وجل العقوبات لزجر الناس عن الجرائم، وأمر سبحانه وتعالى بتطبيق الحدود الشرعية لصلاح العباد والبلاد، فهو سبحانه خلق الخلق وهو أدرى بما يُصلح حالهم في واقعهم ومستقبلهم، فكان تطبيق الحدود الشرعية من القُربات التي يتقرب بها ولاة الأمر إلى ربهم، ومن أهم الأمور التي تحفظ الأمن، وتحقن الدماء، وتنظّم حياة الناس ومعاشهم، وبتطبيقها يرتفع لواء العدل، ويخفت صوت الظلم والجور، وتزدهر الحياة، ويرتقي الاقتصاد، وتتطور مجالات الحياة كلها . يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (حدٌ يعمل في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً) رواه ابن ماجه والنسائي . فحدود الله تبارك وتعالى تُلبس المجتمع لباس الأمن والطمأنينة ؛ فيأتيه الرزق من كل مكان، وإقامتها أعظم بركة من مطر السماء، أما تخفيف الحكم عن مستوى الجناية المقترفة فيعد في حقيقة الحال ظلماً للمجنى عليه أولاً، وللمجتمع ثانياً ؛ لأن العدل هو حجر الأساس في بلادنا المباركة، لذلك فإن أي تسامح فيه أو تجاوز هو مما يهدد المجتمع في كيانه، وتطبيق الحدود - عند الثبوت وبعد الضمانات - رمزٌ للعدالة والمساواة . والحدود المقررة في الشريعة الإسلامية، سبعة حدود، هي: (حد السرقة، والزنا، والقذف، وشرب المسكر، والبغي، والردة، والحرابة) فالعقوبة المقررة في تلك الجرائم هي حقٌ لله تبارك وتعالى، استمؤثرات.لمصلحة العامة، لا تقبل الإسقاط لا من الفرد المجني عليه، ولا من الجماعة . أما جرائم القصاص فمع مساسها بكيان المجتمع، إلا أن ضررها المباشر يصيب الأفراد أكثر مما يصيب الجماعة، فالقصاص حقٌ للأفراد، فلهم العفو عن الجاني بعد الرضا وصفاء النفس، وبدون ضغوطٍ أو مؤثرات . والقتل قصاصاً هو إعدام القاتل الذي قتل غيره متعمدًا دون وجه حق، وهو القتل بإزاء القتل. أما التعزير العمد:بة لم تحدد الشريعة مقدارها، وتركت للقاضي التقدير الملائم لنوع الجريمة ولحال المجرم وسوابقه ؛ بل أعطى الشارع الحكيم الصلاحية للقاضي بفرض العقوبة المناسبة والتي يراها كفيلة بتأديب الجاني وإصلاحه، وحماية المجتمع وصيانته، وهى تبدأ بالزجر والنصح، وتتراوح بينهما الحبس، والنفي والتوبيخ، والغرامات المالية، ومصادرة أدوات الجريمة، والحرمان من تولي الوظائف العامة، ومن أداء الشهادة، وقد تصل إلى أشد العقوبات كالسجن والجلد والقتل ، ومن أمثلة الجرائم التي يحكم فيها بالقتل تعزيزا جرائم تجارة وتهريب المخدرات .
القتل في القانون
المصلحة محل الحماية في تجريم القتل :
المصلحة التي يحميها القانون عند تجريمه للقتل هي الحق في الحياة والذي يكفله القانون لكل إنسان من لحظة ميلاده إلى لحظة وفاته وفاة طبيعية. والقتل نوعان بحسب شكل الركن المعنوي إلى :القتل العمد والقتل الخطأ . والقتل العمد من الجنايات ما عدا القتل العمد في الاستفزاز ( قتل الزوج لزوجته حالة تلبسها بالزنا : مادة 237 عقوبات) ، أما القتل الخطأ فإنه دائما من الجنح.
تعريف القتل العمد :
القتل – وفقا لتعريف الفقه – هو " إزهاق روح إنسان بفعل إنسان". وكانت المادة 234 عقوبات قد اكنفسه.قرير عقوبة القتل العمدنفسه.طنفسه.ضع تعريف للقتل نفسه.نفسه .
القتل المشدد والقتل غير المشدد :
القتل العمد غير المشد هو الذي لم يقترن به ظرف من الظروف المشددة والتي قررها قانون العقوبات وهى سبق الإصرار و الترصد ،القتل بالسم ،اقتران القتل بجناية ،ارتباط القتل بجنحة ،وقوع القتل علي جريح حرب وتعاقب المادة 234 عقوبات علية بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة .
أما إذا توافر أحد الظروف المشددة، فإن درجة التشدد تختلف من ظرف إلي آخر. فهي تصل أحيانا إلي الإعدام وقد تصبح تخيريه بين الإعدام والمؤبد.
الشرط المسبق (المفترض) في جرائم القتل
المقصود بالشرط المفترض في الجريمة :
يُقصد بالشرط المفترض في الجريمة أمر يشترط القانون توافره لكي تقوم الجريمة ، ومع ذلك فإنه ليس من أركان الجريمة . فهو ضروري مثل الأركان ولكنه ليس من الأركان، فهو سابق على وجود الجريمة، مثل شرط أن يكون المجني عليه في القتل إنسان حي. وهو لا يدخل في تكوين الجريمة ، فلا تبتدأ الجريمة بتوافره ، فلا تبدأ جريبالنشاط.من اللحظة التي يتواجد فيها المجني عليه حيا .
الشرط المفترض في جريمة القتل :
الشرط المفترض في جريمة القتل هو الإنسان الحي . فلا تقوم جريمة القتل إلاّ إذا كان المجني عليه حيا عند لحظة قيام المتهم بالنشاط . وهذا هو مؤدي الشرط المفترض في الجريمة.فلا يعلية.لقتل إذا أزهق الفاعل رعلية.جنيذلك، .أما إذا كانت روحة قد فاضت قبل ذلك، فإنه يصعب أن نصف النشاط الذي فيه.ه الفاعل بأنة قتل أو حتى شروع فيه. ولا يؤثر في ذلك أن المتهم كان معتقدا أن المجني علية ما زال علي قيد الحياة وقام بالنشاط الإجرامي بشكل عادي بإطلاق الرصاص مثلا علية ،بينما هو جثة هامدة أو بضربة بعمود من الحديد مرات عديدة قاصدا قتلة .فالقاعدة تقضي بأنة لا ينسب إلي المتهم هنا لا قتل عمدا ولا شروع فيه .
أولا- المجني علية في القتل إنسان:
إذا قتل شخص حيوانا أو طائرا، فإن مخالفة قتل حيوان بعمدا.تضى هي التي تقوم (مادة 378 /7 عقوبات ) وليس جريمة القتل (مادة 234 عقوبات). ومعني هذا أن القتل لا يرد على الجنين قبل ولادته و لا علي الشخص بعد وفاته.
1- الجنين قبل الولادة ليس مجنيا عليه :
عرفت المادة 234 عقوبات المجني عليه في جريمة القتل بأنه " النفس" بقولها " من قتل نفسا عمدا ...." فالمقصود بالنفس هنا هو الإنسان المستقل وجودة.ة . أما الجنين فإنه يظل جزءا من أمة ، وإن كان جزءا قابلا للحياة المستقبلة بعد ذلك ، فلا تالسري؛صوصه مواد القتل . وهذا لا يمنع من وقوع الفعل تحت طائلة العقاب بوصف آخر غير القتل ،وهو ما أسماه قانون العقوبات "إسقاط الحوامل" (كل من اسقط عمدا امرأة حبلي بضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة ) (مادة 260 عقوبات ) .
وإذا خرج المولود من بطن أمه صلح لأن يكون مجنيا عليه في جريمة القتل حتى قبل قطع الحبل السري ؛ فاستقلاله القانوني قد تحقق ، حتى لو كان استقلاله الغذائي لم يتحقق بعد وذلك باستمرار تبعيته العضوية قبل قطع الحبل السري.
ب – لا قتل بعد وفاة المجني عليه :
لا تقع جريمة القتل كما لا بالوفاة، الشروع في قتل إذا كان الالنشاط.ه قد فارق الحياة قبل وقوع النشاط . وتثور مسألة تحديد المقصود بالوفاة ، بسبب وجود ما يُسمى بالموت الإكلينيكي ، الأمر الذي سنعرض له تباعا :
1- المقصود بالوفاة :
الوفاة قد تكون طبيعمعا،وقف المخ والقلب معا ، وقد يموت المخ ويستمر القلب والدورة الدموية في العمل ، وهو ما نسميه بالغيبوبة الدائمة . فهل يعتبر ذلك نوعا من الوفاة الإكلينيكية ؟
في حالة الغيبوبة الدائمة يظل المريض طبيعي. فاقد الوعي والحركة ويمكن تغذيته بطبيعي.ناعية والاحتفاظ بقلبه وهو يعمل بشكل طبيعي . وبثار التساؤل عن مدى مسئولية الطبيب الذي يقوم بنالوفاة،زة فيتوقف القلب هو الآخر عن العمل بعد فترة بسبب عدم وصول التغذية : هل يرتكب جريمة القتل لأنه تسبب في الوفاة ؟ أم أن هذا المريض قد توفى بالفعل عندما توقف مخه نهائيا عن القيام بوظائفه وبالتالي فإن لا محل للحديث عن وقوع جريمة القتل ؟
يتجه رأي إلى عدم الاعتداد بموت المخ للقول بحدوث الوفاة ، وبالتالي فإنه لا يعتد إلاّ بالوفاة الطبيعية ولا عبرة بما يُسمى بالموت الإكلينيكي ، خاصة وأن حالة المريض يمكن أن تتطور ويعود مخه إلى العمل مرة أخرى. ويتجه رأي آخر إلى أن الاعتداد بالموت الإكلينيكي وبأنه يأخذ حكم الموت الطبيعي، فلحظة الوفاة هي إذن لحظة موذلك.خ ولو ظل قلبه ينبض. غير أنه يجب أن يقرر الأطباء أنه لا أمل في عودة المخ إلى الحياة مرة أخرى وأن يمضي من الوقت ما يسمح بتقرير ذلك . كما ينبغي إلاّ يترك أمر تقديرالموضوع،طبيب واحد، بل إلى مجموعة من الأطباء.
ويبرهن كل ذلك على حساسية ذلك الموضوع ، نظرا لتعلقه بمسألة دينية وهي الموت والحياة ، كما أن هناك شبهة في تقرير أن الشخص قد توفى حتى يتم الاستفادة من أعضاء جسمه للاتجار بها ، وهي مسألة تثير الرأي العام في الآونة الأخيرة . لذلك فإن كثيرا من مشروعات القوانين التإنسان،بالموت الإكلينيكي لا تُكلل بالنجاح.
ثانيا – الفاعل في القتل إنسان :
لا تقع جريمة القتل إذا كان الفاعل غير إنسان ، كأن يكون حيوانا هائجا أو بفعل الطبيعة كعاصفة أو أي كارثة طبيعية . فالوفاة عندئذ هي قضاء وقدر. غير أنه لا يشترط أن يصدر النشاط الإجرامي من إنسان مباشإنسان، يمكن أن يستعين الجاني بآلة موجهة ، كإرسال طرد من المتفجرات أو تحريش كلب مسعور ضد المجني عليه أو ترك ثعبان في فراشه . في كل هذه الأمثلة يصدر النشاط من الناحية القانونية من إنسان ، أما المتفجرات أو الكلب أو ا لثعبان ، فهي ليست إلاّ وسيلة استعان بها الجاني لتنفيذ نشاطه .
أما إذا حرّض شخص عاقل شخصا مجنونا أو صبيا غير مميز ( أقل من سبع سنوات ) على القتل ، فإن اتجاها في الفقه المميز،شخص المجنون في حكم الوسيلة التي يستعين بها الجاني في نشاطه ، ومن ثمّ فإن المحرض هو في حقيقة الأمر فاعل أصلي ( معنوي ) في الجريمة ، ولا جريمة تقع من المجنون أو الطفل غير المميز لعدم توافر الركن المعنوي في الجريمة .
غير أن الرأي الراجح في الفقه يتجه إلى اعتبار أن الجريمة من الوجهة القانونية تقع من المجنون أو الصبي غير المميز ، غاية الأمر أن المسئولية الجنائية تنتفي وبالتالي فإن الشخص العاقل يُسأل بوصفه محرضا في الجريمة وليس فاعلا أصليا فيها .
ويبدو أن المشرع في قانون العقوبات ينضم إلى وجهمسئول، الأخيرة حيث تنص المادة 42 عقوبات على أنه " إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال خاصة به وجبت مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانونا " . فالشخص غير المميز فاعل في الجريمة وإن كان غير مسئول ، ومن يحرضه يُعد شريكا في الجريمة ويحق عليه العقاب إذا كان بالغا عاقلا .
ثالثا – اختلاف المجنيالانتحار،لجاني: ( لا عقاب على الانتحار )
تختلف جريمة القتل عن الانتحار ، حيث إن القتل معاقب عليه ، أما الانتحار فإنه عمل غير معاقب عليه . يترتب على ذلك أنه لا شروع في الانتحار إذا أخفق الفاعل في الانتحار.
الخاتمة
          الشروع في القتل: يختلف حكم الشروع في القتل تبعاً لأثر الشروع، فإن كان الشروع قد أحدث أثراً  يقتص منه فالعقوبة القصاص، وإن أحدث أثراً لا يقتص منه، أو أثراً يمتنع فيه القصاص، فالعقوبة الدية أو الأَرْش. والأصل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد أنهم يكتفون بهذه العقوبات ولا يوجبون معها التعزير، لكنهم يجيزون اجتماع التعزير مع الحدود إذا اقتضت ذلك مصلحة عامة. وأما مالك فيوجب التعزير مع القصاص أو الدية . وعلى هذا يجب أن تطبق عقوبات القانون مع عقوبات الشريعة، كلما أوجبت الشريعة القصاص أو الدية أو الأرش، ما دام الفقهاء لا يمنعون جمع عقوبة الحد مع عقوبة التعزير، وما دام أولو الأمر قد أوجبوا عقوبات تعزيرية معينة هي العقوبات التي نص عليها قانون العقوبات، وللقاضي أن يراعي الظروف فيخفف العقوبة التعزيرية أو يشددها؛ لأن ذلك حقه طبقاً للشريعة والقانون معاً.  أما الشروع الذي لم يترك أثراً فعقوبته في الشريعة التعزير، ومن ثم تطبق عليه نصوص قانون العقوبات؛ لأن عقوباته تعزيرية.  القتل شبه العمد: يختلف الفقهاء في القتل شبه العمد، فأبو حنيفة والشافعي وأحمد يعترفون به، ومالك ينكره ولا يرى القتل إلا عمداً أو خطأ ولا وسط بينهما.  والقائلون بالقتل شبه العمد يقررون أن عقوبته الدية فقط، ولكنهم مع هذا يجيزون أن يجتمع التعزير مع الدية، فطبقاً لرأيهم تطبق نصوص القانون في القتل شبه العمد مع نصوص الشريعة، ما دام ولي الأمر يوجب التعزير فيه.  وإذا طبقنا نظرية مالك التي تجيز الجمع بين القصاص والدية وبين التعزير في الجراح، كان من المنطق أن نقول بوجوب الجمع بين الدية وبين التعزير في القتل شبه العمد؛ لأنه إذا صح أن يعاقب الجارح والضارب بالقصاص أو الدية مع التعزير، فأولى أن يعاقب الجارح أو الضارب بالدية مع التعزير إذا أدى جرحه أو ضربه للموت، ولا يقدح في هذه النتيجة أن مالكاً لا يعترف بالقتل شبه العمد؛ لأن هذه النتيجة التي خلصنا إليها هي منطق نظرية مالك في الجمع بين الحد والتعزير في الجراح، وليست منطق نظريته في إنكار شبه العمد. وإذن فآراء الأئمة جميعاً تؤدي إلى تطبيق نصوص الشريعة مع نصوص القانون المصري في وقت واحد على القتل شبه العمد، ولا يمنع هذا القاضي من أن يخفف العقوبة التعزيرية طبقاً للمادة 17 عقوبات أو طبقاً لنصوص الشريعة.  القتل الخطأ: عقوبة القتل الخطأ في الشريعة الإسلامية هي الدية المخففة، ولم يقل أحد من الفقهاء بوجوب التعزير مع الدية كما قيل ذلك في القتل العمد؛ لأن طبيعة العمد تختلف عن الخطأ، ولكنهم جميعاً يجيزون اجتماع التعزير مع الحد، وعلى هذا يجب أن تطبق عقوبة الشريعة والعقوبة القانونية كما هو الحال في القتل شبه العمد، ما دام أولو الأمر قد أوجبوا التعزير.  الجراح في العمد والخطأ: تعاقب الشريعة على الجراح المتعمدة بالقصاص كلما أمكن القصاص، لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]، وتعاقب بالقصاص في إتلاف الأطراف كلما كان القصاص ممكناً، فإذا لم يمكن قصاص فالعقوبة الدية، أو الأرش، أو الحكومة. ويوجب مالك أن يجتمع التعزير مع الدية أو القصاص تأديباً للجاني، أما بقية الأئمة فيجيزون الجمع ولا يوجبونه، فطبقاً ارأي مالك لا تعطل نصوص قانون العقوبات بل تطبق مع القصاص أو الدية كاملة أو ناقصة، وطبقاً لرأي قصدنا بالأثر معناه العام؛ فيدخل فيه الشجاج والجراح وقطع الأطراف وإتلاف معانيها