دور وسائل التواصل الاجتماعى فى توجيه الاستثمار بأسواق الأسهم
نمط التداول الاجتماعى يوسع المشاركة بفضل تجمعات الإنترنت
تقليد استراتيجيات الاستثمار الناجحة السمة الأساسية للمنصات الرقمية
طوال تاريخ الأسواق خلال القرنين الماضيين حافظ عملاء أسواق الأسهم والعملات والسلع على أفكارهم لأنفسهم، لكن تبادل المعلومات على منصات مخصصة مكن الآخرين من جنى الأموال من خلال تقليد أو متابعة تصرفاتهم.
واحتاج متداولو السوق دائماً إلى أن يكونوا مدركين تماماًَ لاتجاهات الاقتصاد الكلى وأخبار الشركات وكنتيجة لذلك، ظل تداول الأسهم والسلع والعملات لفترة طويلة يجرى من قبل المهنيين المحترفين والأثرياء بما يكفى لدفع رواتبهم.
وأدت الشبكات الاجتماعية والتجمعات عبر الإنترنت إلى تآكل هذه الخاصية بشكل تدريجى، مما أدى إلى تداول بنمط اجتماعى يشارك فيه الناس بتبنى الاستراتيجيات المختلفة، وعلى سبيل المثال سجل تطبيق “رديت” 371 ألف شخص فى مؤشر الأسهم يجرون مناقشات حول ما يشترونه ويبيعونه.
ويوضح ديفيد مايرز، رئيس ممارسة أسواق رأس المال بشركة “ديليوت” فى بريطانيا، أن “التداول الاجتماعى” هو جزء من اتجاه أوسع بكثير نحو زيادة الشفافية والمعلومات المفتوحة، كما يتطلع الناس إلى الاستثمار فى الشركات التى لديها عمليات أكثر مسئولية واستدامة وتنوعاً بعد أن أصبح الوصول إلى المعلومات المفتوحة نقطة محورية.
فى حين لايزال العديد من المستثمرين يميلون إلى تفضيل خيارات أكثر أمانًا لاستثمار الأموال وفقاً لما ذكره ميكيل تابارت الشريك فى “كيه بى إم جى لوكسمبورج”، فإن التداول الاجتماعى يثير موجات تغيير فى إدارة الصناديق، وخاصة للمستخدمين الأصغر سناً.
وتكشف البيانات التى تم التقاطها بواسطة التكنولوجيا المستخدمة على المنصات ظهور طرق جديدة وغير متحيزة للإبلاغ عن الأداء تجعل العلاقة بين التكاليف والعائد أكثر وضوحاً للمستثمر وهذه ميزة مهمة للغاية للمضاربين، ونظراً لعدم تصنيف الأفراد فى العديد من تجمعات الإنترنت، فقد تم تصميم منصات مخصصة لعرض أداء المتداولين والسماح للمستخدمين بنسخ تصرفاتهم ومن بينها على سبيل المثال منصة “إى تورو” التى قفزت إلى 10 ملايين مستخدم يتاجرون فى فئات أصول متعددة.
وتكمن الفائدة الأساسية للتداول الاجتماعى فى ذهن المستهلكين فى أن الأشخاص الذين يقلدونهم يستثمرون أموالهم الخاصة فى ذات الاستراتيجية ما يعنى الثقة التامة فى قرارتهم وهذا على النقيض من مديرى الصناديق التقليديين الذين قد لا يستثمر الكثيرون أموالهم فى الصناديق التى يجلبونها للعملاء للاستثمار فيها.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الرغبة فى تقديم توصيات بجوانب مختلفة من حياة الناس قوة نافذة بما فى ذلك الذهاب إلى مطعم جيد والذى يستلزم سؤال صديق يعرف أفضل الخيارات وفى نفس الإطار الإنسانى اعتاد الأفراد على طلب المشورة والبحث عن التصنيفات منذ أن أصبح التداول الاجتماعى متاحاً للاستثمار، ويتمثل أحد الجوانب السريعة لنمو عمليات “إى تورو” هو سهولة “التداول فى المتداول”، حيث يمكن للعملاء تنفيذ قرارات الشراء والبيع التى يتابعونها على المنصة من تلقاء أنفسهم.
وعلى عكس الماضى ففى السابق، كان يتعين على الأشخاص الذين يتطلعون إلى المضاربة فى الأسواق المختلفة أن يتجولوا فى الصحف وأن يراجعوا الأوراق لدراسة أداء الشركة، لكن الآن يمكن للأفراد نسخ عمل الخبراء بسرعة.
ويوفر التداول الاجتماعى على المنصات الكبيرة مثل “زولو تريد” و”أيوندو” إمكانية وصول غير مسبوق إلى السوق بالإضافة للقدرة على كسب المال دون بذل وقت كبير أو نفقات رأسمال مرتفعة، وتوجد أيضاً إمكانات لأولئك الذين يصبحون خبراء متداولين لتوليد إيرادات عن طريق بيع تجربتهم للآخرين.
ومع ذلك، من الواضح أن هناك بعض الجوانب السلبية التى يجب مراعاتها بحسب “مايرز” الذى يشير إلى أن المشكلة الرئيسية هى أن الناس يستثمرون فى بعض الأحيان أموالهم الخاصة بناءً على قرارات شخص ليس خبيراً مؤهلاً، وهو مصدر قلق خاص على الشبكات الاجتماعية، حيث لا يوجد تاريخ أداء يمكن فحصه.
وقد يتم إغراء الأشخاص أيضاً للاقتراض المفرط لتعزيز استثماراتهم لا سيما فى سوق العملات الأجنبية، وبغض النظر عن مدى ذكاء الأشخاص الذين يتم تقليدهم، فهناك احتمال أن تنخفض قيمة الاستثمار، وقال حوالى 67% من الأشخاص الذين شاركوا فى استطلاع لآرائهم على موقع Social Trading Guru الإلكترونى إنهم فقدوا النقود بسب قلة صبرهم والاستخدام المتسرع للقروض المالية.
وفى هذا الإطار ينصح تبارات المضاربين الجدد بالحد من الاستثمار المبكر والتدقيق فى المخاطر واختيار القروض بعناية واغتنام الفرصة لتقليد العديد من المتداولين وليس فرد واحد بحيث يمكن موازنة أى خسائر.
وأضاف أن المضارب يحتاج على الأقل لقدر من التعليم المالى الصحيح لاتخاذ القرارات بل يعتبرها أولوية فيجب أن يكون المستثمرون الأفراد على الأقل على دراية بالقواعد الأساسية مثل سبل تنويع المحافظ قبل البدء فى استخدام هذه الخدمات، ويوفر التوازن الصحى بين الإيجابيات والسلبيات للتداول الاجتماعى إمكانات جيدة لمستثمرى التجزئة لأنهم ليسوا وحدهم الذين سيحققون مكاسب بل يجذب الزخم آخرين إلى المكان الذى قد يتجه فيه النشاط بقوة كجزء من إجمالى المعلومات المتوفرة التى تقوم البنوك والصناديق بشطبها بشكل روتينى عادة.
وتساعد تجمعات الإنترنت فى خلق سوق للبيانات البديلة بقيمة 7 مليارات دولار بحلول العام المقبل حيث تجمع شركات عدة بيانات من خلال التعليقات على الإنترنت حول رضا العملاء عن المنتجات والنظر إلى صور الأقمار الصناعية لمراكز التسوق لمراقبة شعبيتها ومن ثم يستخدم الكثيرون هذه التحليلات المتقدمة لتحديد أنماط جديدة للتداول.
ومن بين الشركات التى جعلت هذا الأمر ممكنًا شركة SESAMm للتكنولوجيا المالية الفرنسية، التى تقوم بتحليل مليارات من نقاط البيانات البديلة من أكثر من مليونى رسالة اجتماعية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى مقالات إخبارية ومقالات للكتاب وصور ومقاطع فيديو لتقطيرها بسرعة وتحولها إلى رؤى عملية للمستثمرين.
ويقول سيلفان فورتيه، الرئيس التنفيذى للشركة، إن صناديق التحوط وبنوك الاستثمار ومديرى الأصول يستخدمون عملية التعلم الآلى ومعالجة اللغة الطبيعية لفهم معنويات السوق.
وتحرص عدد من المؤسسات الكبيرة أيضاً على تقديم منصات التداول الاجتماعى الخاصة بها للفوز والاحتفاظ بعملاء جدد مثل “تريد سوشيو” وهى إحدى الشركات الرائدة، حيث تقوم بتوفير منصات التداول الاجتماعى على الأجهزة المحمولة وأجهزة سطح المكتب والاستشارات الآلية للبنوك ووساطة شركات السمسرة ومديرى الصناديق، والتى بدورها تقدمها للعملاء الذين قد تصل تعاملاتهم إلى 10 جنيهات إسترلينى وكذلك الأفراد الذين يتمتعون بثروة كبيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق