جرائم الاعتداء على العِرض
العِرض هو: الطهارة الجنسية بمعنى التزام الشخص سلوكا جنسياً معينا يبعد به عن أن يوجه اليه لوم اجتماعي ويعد مساسا بالعرض كل فعل مخل بهذه الطهارة.
وحصر المشرع جرائم الاعتداء على العرض في اربعة جرائم نوردها من حيث الاشد جسامة.
فنبدأ بالاغتصاب مرورا بهتك العرض ومن بعده الفعل الفاضح وانتهاءاً بالزنا.
ونكتفى فى هذا المقال بالحديث عن جريمة الاغتصاب.
فعُرِّف الاغتصاب بأنه: اتصال رجل بامرأة اتصال جنسي كامل دون رضاءٍ صحيح منها بذلك.
ومن التعريف دا نقدر نفهم ان الاغتصاب لا يتصور وقوعه الا من رجل على امرأه فالرجل هو الجاني والمرأة هي المجنى عليها.
فلا يمكن القول بتوافر جريمة الاغتصاب اذا اتحد جنس الجاني والمجنى عليه.
فاللواط بين الرجل والرجل لا يعد اغتصابا ولو وقع بإكراه من احدهما على الاخر. وكذلك السحاق بين المرأة والاخرى لا يعد اغتصابا ولو صاحبه اكراه ايضا. وانما ينسب للجاني فى هاتين الحالتين جريمة هتك العرض.
ولكى يمكن القول بتوافر جريمة الاغتصاب لابد ان يكون الاتصال الجنسي اتصالاً كاملا بمعنى التقاء الاعضاء التناسلية للجاني بالمجنى عليها فإذا تحقق ذلك الاتصال كان كافيا بدوره لتمام الجريمة سواء كان الاتصال كلى او جزئي وسواء بلغ المتهم شهوته او لم يبلغ. وليس بشرط ان يترتب على ذلك الاتصال تمزيق غشاء البكارة.
وفى هذا السياق يثار تساؤل حول ما اذا كان الاتصال الجنسي الذى قام الرجل بإكراه المرأة عليه مشروعاً (وطبعا حالته الوحيدة هي الزواج) يجاب على ذلك بأنه:
اذا أكره الرجل زوجته على الاتصال الجنسي فإنه لا يتوافر بحقه جريمة الاغتصاب الا اذا اتاها من دبر دون رضائها فيسأل بذلك عن جريمة هتك العرض فقط.
وهناك تساؤلاً آخر حول ما إذا باشر المطلق طليقته المطلقة منه طلاقاً بائناً دون ان تعلم بوقوع الطلاق فإنه بذلك يتوافر بحق الرجل جريمة الاغتصاب حيث ان رضاؤها غير صحيح.
وطبعا جريمة الاغتصاب مثلها مثل جميع الجرائم من الممكن ان يتعدد الفاعلين فيها فمن المتصور ان يوجد بجانب الفاعل شريك او اكثر فالركن المادي لجريمة الاغتصاب يقوم على عنصرين هما:
١ـ الاتصال الجنسي ٢ـ الفعل الذى يكون من شأنه اعدام رضاء المرأة مثل العنف. وكل من يصدرعنه احد هذين الفعلين يعتبر فاعلا مع غيره.
وتطبيقاً لذلك فإنه من امسك بجسم المرأة كي يشل مقاومتها فى حين اغتصبها زميله فإنه يكون فاعلا معه للجريمة.
وهنا توجد ملاحظه
ان الفعل الذي من شأنه اعدام رضاء المرأة من الممكن أن تأتي به امرأة ولو تحقق ذلك فان هذه المرأة تعد فاعلا مع غيرها في ارتكاب جريمة الاغتصاب.
ومثال ذلك
اذا امسكت امرأه بجسم اخرى كي تشل مقاومتها تمكينا لرجل من اغتصابها فكلاهما يكون فاعلا للجريمة.
ودا بدوره بياخدنا للحديث عن انعدام الرضا للمرأة في اقامه العلاقه الجنسية واللي بيشمل حالتي الاكراه بنوعيه المادي والمعنوي فضلا عن حالات الرضا الغير معتبر قانونا.
فالإكراه المادي هو: اي فعل عنف يرتكب على جسم المرأة ويكون الهدف منه إحباط المقاومة التي تعترض بها فعل الجاني. لذلك يشترط في العنف الذي يقوم به الاكراه المادي شرطان.
الشرط الأول: أن يرتكب على شخص المرأة.
الشرط الثاني: أن يكون من شأنه اعدام رضائها بالمواقعه.
وطبعا لا يشترط ان يستمر الاكراه طيلة الاتصال الجنسي وانما يكفي ان يكون الوسيلة الى بداية ذلك الاتصال.فإذا قاومت المرأة افعال العنف ثم انهارت مقاومتها فاستسلمت عجزا عن المقاومة او يأساً من جدواها فلم يرى الجاني حاجه الى الاستمرار في العنف فان الاكراه يتحقق مع ذلك. وليس بشرط ان يترك الاكراه اثراً بجسم المجني عليها او بجسم الجاني.
اما الاكراه المعنوي: فيقصد به التهديد بشر ويجب ان يكون هذا الشر جسيما و حالا و ان يربط الجاني في ذهن المجني عليها بين نزوله ورفض الصلة الجنسية التي يريدها.
يبقى احنا كده اتكلمنا عن حالتي الاكراه المادي والمعنوي.
و بقي الحديث عن حالات الرضا الغير معتبر قانونا.
وهذه الحالات لا تخرج عن:
الجنون والسكر وصغر السن.
فاذا ما تصل المتهم بمجنونه ولم تبدِ على فعله اي اعتراض وكان جنونها قد افقدها القدرة على فهم ماهية الفعل وقت اتيانه فان المتهم بذلك يرتكب جريمة اغتصاب.
اما اذا قبلت بالمواقعه وكان جنونها لم يفقدها طبيعة ذلك الفعل فان هذا القبول يحول دون قيام الجريمة بحق المتهم رغم جنونها.
وكذلك الحال اذا كانت المجنى عليها سكرانة او مخدرة على نحو فقدت معه القدرة على فهم ماهية الفعل فإذا ما قام المتهم بمواقعتها فان جريمة الاغتصاب تتوافر فى حقه. ويستوي في ذلك ان يكون الجاني هو الذى اسكرها سواء كان لأجل هذا الغرض او لغرض اخر او اسكرها شخص غيره او سكرت هي من تلقاء نفسها فاستغل الجاني حاله فقد التميز التي لحقت بها.
ورضاء السكرانة ينفي الجريمة اذا لم يفقدها سكرها التميز.
اما اذا كانت المجنى عليها صغيرة السن ورضيت بفعل الجاني فإذا كانت تلك الصغيرة غير مميزه (وغير المميزة في هذا المقام هي التي لم تبلغ من العمر سبع سنوات) فإذا ما تمت مواقعتها فإن الجريمة تكون قائمه بحق المتهم فلا عبره برضائها بالفعل حيث انه مجرد من القيمة القانونية.
اما اذا كانت الصغيرة مميزة (بأن كان سنها يتراوح بين سبع سنوات وثمانية عشر سنه) فإن رضاؤها ينفى عن المتهم جريمة الاغتصاب وتقتصر مسئوليته على جريمة هتك العرض دون قوة او تهديد.
ونختم الحديث ببيان عقوبة الاغتصاب.
جعل المشرع عقوبة الاغتصاب في صورتين.
الصورة الاولى: صوره بسيطة و عقوبتها الاعدام او السجن المؤبد وللقاضي ان يطبق الظروف المخففة للعقاب وله ان يعتبر الزواج اللاحق من الجاني بالمجني عليها احد هذه الظروف.
الصورة الثانية: الصورة المشددة وعقوبتها الاعدام وتتحقق بتوافر حاله واحد من ثلاث:
١ـــ صغر سن المجني عليها بأن تكون دون الثامنة عشر.
٢ــ تعدد الفاعلين للجريمة.
٣ـ توافر صفه لدى الجاني تعني ان له صله بالمجنى عليها كأن يكون من اصولها او من المتولين تربيتها او ملاحظتها.
وطبعا يجوز للقاضي تطبيق الظروف المخففة للعقوبة اذا كان لذلك محل..
بقلم / احمد ابوخوات المحامى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق