الكثير من النقدية تطارد القليل جداً من الأصول المرغوبة.. بقلم جون ديزارد
يجد مديرو المحافظ الاستثمارية وموزعو الأصول، صعوبة في اتخاذ قرار بشأن ما يفعلونه بأموالهم فى عصر “كوفيد 19” وبعد انهيار الأسواق، وبعد تدخلات البنوك المركزية.
وفي حين أنقذت الاموال التى ضخها “الفيدرالى” والبنوك المركزية الأخرى المؤسسات والأسواق من الانهيار، فلايزال هناك عدم يقين على المدى الطويل، وليس لدى الناس في القطاع المالي خطط تتناسب مع الظروف.
فهل نحن مقبلون على انكماش؟ وهو ما سيتطلب شراء السندات وتعزيز العائدات الضعيفة؟ أم مقبلون على ارتفاع في التضخم؟ والذي سيكون أقل إحباطاً، ولكنه مخيف أكثر.
وقد يدفعنا ذلك إلى الميل القائم منذ قدم الزمن لشراء الذهب (فى حالة توافر أى ذهب مادى) وكذلك الاستثمار في الشركات التى لديها دوران مخزون سريع، وبالتالى يمكن أن تتغير الأسعار بسرعة.
ومن بين جميع السيناريوهات التي يتم مناقشتها في المكاتب الافتراضية (أي التي يجتمع العاملون فيها افتراضياً عبر وسائل الاتصال الجماعى)، فإن السيناريو الأكثر شيوعاً هو العودة سريعاً نسبياً إلى “الوضع الطبيعى”، وهو ما يعني تطوراً فى تعافى سريع على شكل حرف “v”، الذي يمكن بموجبه العودة إلى اللوغريتمات لتصميم مؤشرات سندات وأسهم للعملاء حتى يتمتعوا بتقاعدات مدفوعة طويلة ومريحة.
ولكن هذا ليس ممكناً.. فثمة العديد من المخاطر والقليل جدا من العائدات، والكثير جداً من الأشخاص الذين يتقاتلون على الأرباح التي تعد أقل من أن تدعم جميع المستفيدين من الطبقة المتوسطة أو الأغنياء المحتملين.
ولا يريد قادتنا السياسيون ولا المصرفيون المركزيون بأن نصبح تعساء، بحيث نريد أن نغير الحكومة سريعاً جداً.. لذا أخبرت السلطات المالية والنقدية شعوبها في الاقتصادات الأكثر تقدماً أن لدينا مشكلة سيولة على المدى القصير، ولا توجد نقدية في الوقت الحالى، ولكن بمجرد إعادة فتح الاقتصاد، فإن تريليونات الدولارات من القروض الحكومية سيتم سدادها.
ولسوء الحظ، اختفى الطلب على السلع التي يمكن للأموال شرائها، كما أن الشركات لا ترى سبباً منطقياً للإنفاق الرأسمالى الجديد لمقابلة الطلب السوقي غير الموجود أساساً، ولم يعد أحد يحجز رحلات درجة أولى إلى نيوزيلاندا أو ديزنى لاند.
كما أن معروض البضائع والخدمات الاكثر تواضعاً الذى يمكن شراءه من خلال النقدية التي تتيحها البنوك المركزية والمنح الحكومية ناقص كذلك.
فعلى سبيل المثال تقلص مطاعم “وينديز” للأغذية السريعة، معروض البرجر فى أمريكا، كما لا يمكنك شراء هاتف جديد من متاجر “أبل” فى أوروبا المتأثرة بأوامر الإغلاق.
وهذا ما يفسر “التعافى” فى أسعار الأصول خلال الشهر ونصف الشهر الماضيين، فلا يوجد استخدام مثمر للسيولة المحقونة فى السوق، ولا يوجد الكثير من السلع المرغوبة المتاحة، لذلك ذهبت الأموال للمضاربة في أسواق الأوراق المالية، وهو ما أدى إلى رفع أسعار الأسهم والسندات فوق المستويات المعقولة، لذا ماذا ستفعل في المرة المقبلة التي تجلس فيها أمام حساب التداول الخاص بك؟ وماذا ستقترح على لجنة الاستثمار فى مؤسستك؟
يمكننا أن نبدأ ببيع سندات الخزانة لأجل 30 عاماً التى أوصيت بشرائها فى يناير باعتبارها أصل مثالى لمحفظتك، حينها كان يبلغ العائد عليها 2.04%، أما الآن فقد أصبح العائد 1.31%، فماذا بشأن وجهة النظر التي تقول إنها تقدم دخلاً من الفائدة ومكاسب رأسمالية معقولة بأمان واضح؟
أعتقد ان كل ذلك انتهى الآن، وبالتأكيد لن تختفى أوراق الخزانة أو تنهار فوراً، فهى لاتزال مطلوبة جداً كضمان لمعاملات أخرى، ولكن موجة الصعود انتهت، ومع الوقت سوف يأكل التضخم سعرها الأساسي والفائدة عليها عندما تجد النقدية طريقها إلى أسعار السلع والخدمات.
حسناً يمكننا شراء الذهب أليس كذلك؟ يبدو الذهب أداة تحوط هائلة فى أوقات الأزمات، ولكن إذا كنت تستطيع نقله من مكان لآخر، فهو ثقيل جداً، كما قل معروضه المتمثل في تحويله من سبائك ذهب إلى مجوهرات وأعمال فنية، وبالتالي حتى يكون لديك خزينة يحرسها سفاح تثق به، فمن الأفضل أن تستثمر في صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
ثم لدينا سندات الحكومة الصينية، ولكن في هذة المرحلة تقع الصين موضع شك لأسباب كثيرة للغاية.
لكنقال لي لويس فينسينت جيف، من شركة “جافيكال” للأبحاث، إن الصين لديها ثانى أكبر سوق سندات حكومية فى العالم، وحتى الآن كانت إدارتها المالية والنقدية من بين الأكثر تحفظاً بين الدول الكبرى فى عالم ما بعد كوفيد 10 وما بعد الركود.
وبافتراض نجاحك في أي من الأفكار الاستثمارية المذكورة، وتحقيقك لأرباح كبيرة مقومة بالدولار أو الاسترلينى أو اليورو، فبإمكانك بيع مراكزك الاستثمارية وجنى المكاسب أي حصولك على المزيد من النقدية عندما لا يوجد الكثير لشراءه!
بقلم: جون ديزارد، كاتب مقالات رأى لدى “فاينانشيال تايمز”
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق