بول أوساريس، الذي لعب دورا قذرا خلال الثورة التحريرية، بأنه أشرف شخصيا على قتل المحامي علي بومنجل الذي تم رميه من الطابق السادس للعمارة التي استولى عليها المظليون، في شارع كليمانصو بمدينة الأبيار في العاصمة، مفنذا ما كانت قد أعلنته المصادر الفرنسية غداة استشهاد بومنجل أنه انتحر في 23 مارس 1957.
و يروي هذا السفاح قصة اغتيال بومنجل قائلا :"تم إلقاء القبض عليه أياما قبل إيقاف بن مهيدي، و أحدث ذلك ضجة كبيرة.. و ثبت أنه كان لبومنجل دور هام و أساسي داخل جبهة التحرير الوطني، أولا لأنه كان من بين قادة النظام بالعاصمة، و أيضا لكونه مكلفا بإجراء الاتصالات بين جبهة التحرير و الدول التي كانت تساعدها، حقيقة لقد اشتغل منصب وزير للخارجية للتمرد (الثورة)".
و واصل "وبما أن بومنجل كان بارزا فإنه لم يتخد في حقه أي قرار حتى بعد أسبوع من اعتقاله، و كان لا يزال في يد الوحدة الثانية للمظليين، و نظرا لهذه الأهمية كان الحل الأقل مجازفة هو تسليم المحامي إلى العدالة، و هذا ما كان يضمن عدم نيله للعقاب(الذي كان يتمناه له والذي لا يقل عن الإعدام)، و لم نتمكن من إدانته بشيء سوى توفير السلاح. لقد كان هناك تواطؤ واضح بالقتل، غير أنه لم يكن هناك شك أنه بمجرد مثوله أمام القضاء فإنه سوف يستعيد حريته، بعد أن يجري أخوه المحامي بعض المكالمات الهاتفية".
و عن الدوافع الكامنة وراء اغتيال بومنجل يقول أوساريس "كان من الواجب اتخاذ قرار بشأن بومنجل.. في يوم 23 مارس 1957 قمنا بمشاورات طويلة مع فوسي فرانسوا، ترانكي و ماسو، لنعرف ما الذي يمكننا فعله به.. و لم يكن المحامي في نظري، رغم علاقاته الرفيعة التي لم تعجبني ابدا، سوى مرتكب جريمة قتل"، ملمحا إلى الرواية التي تزعم اعتراف موقوفين، إثر جريمة قتل راح ضحيتها زوجان فرنسيان مع طفلهما بجنوب العاصمة، بأنهم قاموا بفعلتهم هذه التي أمر بها و مولها محام لامع جدا في الجزائر العاصمة.
و عن ملابسات عملية الاغتيال يكشف أوساريس "بما أن الحديث كان يدور في فراغ نفذ صبري و خرجت، و حينها التفت ماسو إلي و صوب عينيه نحو عيني و قال بصرامة : أوساريس أن يهرب السجين، مفهوم؟ و إثر هذه الكلمات عدت فورا إلى الأبيار، إلى نهج كليمانصو حيث كان بومنجل معتقلا". لقد فهم أوساريس المطلوب منه جيدا، فقام بتنفيذ مسرحية الاغتيال، فقد أمر الملازم(د) بتحويل بومنجل من البناية التي يوجد بها بالطابق الأرضي، و رأى أنه من الأحسن أن يحول إلى المبنى المجاور عبر اجتياز الجسر المتواجد في الطابق السادس بدلا من المرور عبر الطابق الأرضي، بحجة عدم لفت الانتباه، و لو أن قصد أوساريس من ذلك كان رميه من هذا الطابق، و قال "قم بإحضار سجينك، ولكي يتم تحويله إلى المبنى المجاور عليك اجتياز الجسر المتواجد في الطابق السادس، و أنا سأنتظر في الأسفل إلى حين فراغك من التحويل(القتل)، هل فهمت الآن؟ و هز الملازم(د) رأسه دليلا على الاستيعاب، و بعد فترة رجع(د) لاهثا ليخبرني بأن بومنجل سقط من الطابق السادس، و قبل أن يرميه من أعلى الجسر قام بسرعة بضربه بمقبض قادوم خلف الرقبة".
و بعد تنفيذ جريمته النكراء، رجع أوساريس إلى ماسو و الآخرين الذين كانوا لا يزالون في اجتماعهم، و قال له" حضرة الجنرال قلت لي إنه لا ينبغي لبومنجل أن يهرب، اطمئن إذا فإنه لن يهرب لأنه انتحر".
و نتيجة للصدى الكبير الذي أحدثه خبر وفاة المحامي المناضل علي بومنجل، اضطرت الحكومة الفرنسية لإجراء تحقيقات شكلية حول القضية، كان الهدف و إسكات الرأي العام و إغلاق ملف آخر من الملفات الثقيلة التي تحسب على الاستعمار الفرنسي في جرائمه ضد الشعب الجزائري و الإنسانية جمعاء.
يقول أوساريس "قررت نتائج تشريح جثة بومنجل أنه مات بسبب السحق، وأن جسده لم يحو أي دليل على استعمال العنف ضده ولم توجه إلي أية تهمة قط، وأقر(د) الرواية الرسمية التي تخلص إلى الانتحار غير المفسر للمحامي الجزائري". و ذلك من خلال المحضر الموقع باسمه، و الذي عرضته المؤرخة مليكة رحال و جاء فيه ما يلي "اليوم حوالي الساعة الواحدة و خمسة عشرة دقيقة بعد الظهر، أحضر العون(س) من الفوج الثاني من المظليين الاستعماريين إلى مكتبي المشتبه به علي بومنجل الذي كان عليه أن ينقل إلى النيابة العامة في المساء لحضور الاستجواب الأخير، عندما أحضرت المشتبه به إلى مكتب الاستجواب الموجود في الجزء الآخر من المبنى، عبرنا إلى الشرفة و كان العون(س) يتقدمنا، يتبعه بومنجل و أنا كنت أتعقبهم. وفجأة اندفع بومنجل نحو طرف الشرفة. و اندفعت خلفه لأمسك به، و لكن بقفزة واحدة للأمام هرب مني و ألقى بنفسه في الفراغ، و ما كان علي إلا أن أتركه لكي لا أسقط معه.
نزلت إلى الساحة، و أمام الحالة الحرجة للضحية أخبرت الطبيب و الكولونيل دون تأخير، نقل بومنجل سريعا إلى مستشفى مايو وفقا لأوامر الكولونيل، لكن يبدو أنه قد مات بالفعل في ذلك الوقت.
أشير إلى أن بومنجل كان قد حاول الانتحار يوم 12 فيفري 1957 في حسين داي حيث كانت توجد مجموعتنا، و كان قد نقل على إثرها إلى مستشفى مايو و خرج منه يوم 4 مارس الأخير".
بعد صدور مذكراته، تمت محاكمة أوساريس سنة 2004 و أدين بممارسة التعذيب، لكن الحكم الذي صدر ضده كان
تجريده من الوسام العسكري الذي حصل عليه، و هو ما اعتبر عقابا غير كاف لشخص اعترف و افتخر بممارسة التعذيب و القتل، دون أن يتحرك ضميره أو يؤنبه، بل بدا في مذكراته كالمنتشي بما ارتكبه من مخاز.
و بالرغم مما أحدثته اعترافات هذا السفاح من استنكار و سخط لدى الراي العام العالمي، و بالرغم من الألم الذي يصاحب تلقي الشعب الجزائري لهذه الشهادات، فإنه كان و لا يزال بحاجة إلى اعترافات هؤلاء المجرمين لكشف الكثير من الأسرار التي دفنت مع شهدائنا الأبرار.
و يروي هذا السفاح قصة اغتيال بومنجل قائلا :"تم إلقاء القبض عليه أياما قبل إيقاف بن مهيدي، و أحدث ذلك ضجة كبيرة.. و ثبت أنه كان لبومنجل دور هام و أساسي داخل جبهة التحرير الوطني، أولا لأنه كان من بين قادة النظام بالعاصمة، و أيضا لكونه مكلفا بإجراء الاتصالات بين جبهة التحرير و الدول التي كانت تساعدها، حقيقة لقد اشتغل منصب وزير للخارجية للتمرد (الثورة)".
و واصل "وبما أن بومنجل كان بارزا فإنه لم يتخد في حقه أي قرار حتى بعد أسبوع من اعتقاله، و كان لا يزال في يد الوحدة الثانية للمظليين، و نظرا لهذه الأهمية كان الحل الأقل مجازفة هو تسليم المحامي إلى العدالة، و هذا ما كان يضمن عدم نيله للعقاب(الذي كان يتمناه له والذي لا يقل عن الإعدام)، و لم نتمكن من إدانته بشيء سوى توفير السلاح. لقد كان هناك تواطؤ واضح بالقتل، غير أنه لم يكن هناك شك أنه بمجرد مثوله أمام القضاء فإنه سوف يستعيد حريته، بعد أن يجري أخوه المحامي بعض المكالمات الهاتفية".
و عن الدوافع الكامنة وراء اغتيال بومنجل يقول أوساريس "كان من الواجب اتخاذ قرار بشأن بومنجل.. في يوم 23 مارس 1957 قمنا بمشاورات طويلة مع فوسي فرانسوا، ترانكي و ماسو، لنعرف ما الذي يمكننا فعله به.. و لم يكن المحامي في نظري، رغم علاقاته الرفيعة التي لم تعجبني ابدا، سوى مرتكب جريمة قتل"، ملمحا إلى الرواية التي تزعم اعتراف موقوفين، إثر جريمة قتل راح ضحيتها زوجان فرنسيان مع طفلهما بجنوب العاصمة، بأنهم قاموا بفعلتهم هذه التي أمر بها و مولها محام لامع جدا في الجزائر العاصمة.
و عن ملابسات عملية الاغتيال يكشف أوساريس "بما أن الحديث كان يدور في فراغ نفذ صبري و خرجت، و حينها التفت ماسو إلي و صوب عينيه نحو عيني و قال بصرامة : أوساريس أن يهرب السجين، مفهوم؟ و إثر هذه الكلمات عدت فورا إلى الأبيار، إلى نهج كليمانصو حيث كان بومنجل معتقلا". لقد فهم أوساريس المطلوب منه جيدا، فقام بتنفيذ مسرحية الاغتيال، فقد أمر الملازم(د) بتحويل بومنجل من البناية التي يوجد بها بالطابق الأرضي، و رأى أنه من الأحسن أن يحول إلى المبنى المجاور عبر اجتياز الجسر المتواجد في الطابق السادس بدلا من المرور عبر الطابق الأرضي، بحجة عدم لفت الانتباه، و لو أن قصد أوساريس من ذلك كان رميه من هذا الطابق، و قال "قم بإحضار سجينك، ولكي يتم تحويله إلى المبنى المجاور عليك اجتياز الجسر المتواجد في الطابق السادس، و أنا سأنتظر في الأسفل إلى حين فراغك من التحويل(القتل)، هل فهمت الآن؟ و هز الملازم(د) رأسه دليلا على الاستيعاب، و بعد فترة رجع(د) لاهثا ليخبرني بأن بومنجل سقط من الطابق السادس، و قبل أن يرميه من أعلى الجسر قام بسرعة بضربه بمقبض قادوم خلف الرقبة".
و بعد تنفيذ جريمته النكراء، رجع أوساريس إلى ماسو و الآخرين الذين كانوا لا يزالون في اجتماعهم، و قال له" حضرة الجنرال قلت لي إنه لا ينبغي لبومنجل أن يهرب، اطمئن إذا فإنه لن يهرب لأنه انتحر".
و نتيجة للصدى الكبير الذي أحدثه خبر وفاة المحامي المناضل علي بومنجل، اضطرت الحكومة الفرنسية لإجراء تحقيقات شكلية حول القضية، كان الهدف و إسكات الرأي العام و إغلاق ملف آخر من الملفات الثقيلة التي تحسب على الاستعمار الفرنسي في جرائمه ضد الشعب الجزائري و الإنسانية جمعاء.
يقول أوساريس "قررت نتائج تشريح جثة بومنجل أنه مات بسبب السحق، وأن جسده لم يحو أي دليل على استعمال العنف ضده ولم توجه إلي أية تهمة قط، وأقر(د) الرواية الرسمية التي تخلص إلى الانتحار غير المفسر للمحامي الجزائري". و ذلك من خلال المحضر الموقع باسمه، و الذي عرضته المؤرخة مليكة رحال و جاء فيه ما يلي "اليوم حوالي الساعة الواحدة و خمسة عشرة دقيقة بعد الظهر، أحضر العون(س) من الفوج الثاني من المظليين الاستعماريين إلى مكتبي المشتبه به علي بومنجل الذي كان عليه أن ينقل إلى النيابة العامة في المساء لحضور الاستجواب الأخير، عندما أحضرت المشتبه به إلى مكتب الاستجواب الموجود في الجزء الآخر من المبنى، عبرنا إلى الشرفة و كان العون(س) يتقدمنا، يتبعه بومنجل و أنا كنت أتعقبهم. وفجأة اندفع بومنجل نحو طرف الشرفة. و اندفعت خلفه لأمسك به، و لكن بقفزة واحدة للأمام هرب مني و ألقى بنفسه في الفراغ، و ما كان علي إلا أن أتركه لكي لا أسقط معه.
نزلت إلى الساحة، و أمام الحالة الحرجة للضحية أخبرت الطبيب و الكولونيل دون تأخير، نقل بومنجل سريعا إلى مستشفى مايو وفقا لأوامر الكولونيل، لكن يبدو أنه قد مات بالفعل في ذلك الوقت.
أشير إلى أن بومنجل كان قد حاول الانتحار يوم 12 فيفري 1957 في حسين داي حيث كانت توجد مجموعتنا، و كان قد نقل على إثرها إلى مستشفى مايو و خرج منه يوم 4 مارس الأخير".
بعد صدور مذكراته، تمت محاكمة أوساريس سنة 2004 و أدين بممارسة التعذيب، لكن الحكم الذي صدر ضده كان
تجريده من الوسام العسكري الذي حصل عليه، و هو ما اعتبر عقابا غير كاف لشخص اعترف و افتخر بممارسة التعذيب و القتل، دون أن يتحرك ضميره أو يؤنبه، بل بدا في مذكراته كالمنتشي بما ارتكبه من مخاز.
و بالرغم مما أحدثته اعترافات هذا السفاح من استنكار و سخط لدى الراي العام العالمي، و بالرغم من الألم الذي يصاحب تلقي الشعب الجزائري لهذه الشهادات، فإنه كان و لا يزال بحاجة إلى اعترافات هؤلاء المجرمين لكشف الكثير من الأسرار التي دفنت مع شهدائنا الأبرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق