الجمعة، 17 مايو 2019

“عادل إمام“
ظاهرة فنية إستثنائية لن تتكرر !
.
.
☆ مرّة مذيعة إسمها "هاله سرحان" بتتكلم مع "الزعيم" ، قالها جُملة بسيطة جداً لكن قوية جداً جداً
( عايزة تعرفي تاريخ مصر .. إتفرجي علي أفلام عادل إمام )
الجملة دي سببت جدل كبير و هجوم من بعض أبناء جيله ، و هجوم من الجمهور نفسه اللي إتهمه بالغرور ..، و الجملة فعلاً توحي بالغرور ..
لكن لو بصينا في الموضوع من زاوية تانية هنلاقي ان "الزعيم" عنده حق ؛ لأنه هنا كان يقصد تاريخ مصر المعاصر ؛ مش تاريخ ٧٠٠٠ سنة حضارة !
تاريخ نص قرن عاصره بنفسه ، و ساب في كل عقد منه علامة فارقة
☆ الفن مرآة الشعوب .. و "عادل امام" إستغل ذكائه الفني انه يعكس مشاكل المجتمع في كل فيلم قدمه كنوع من توثيق الحدث .. سواء بقي الحدث ده سياسي او إجتماعي او حتي ديني .؛
يعني هاتلي ممثل في تاريخ مصر إتكلم عن قضية المُحلل أو أزمة السكن كقضايا إجتماعية ، مستحيل تلاقي ممثل اتكلم عن الإرهاب بالجُرأة دي ، مفتكرش في ممثل هاجم رجال الأعمال بالضراوة دي ، طب ممثل هاجم الهيئة القضائية بالكم ده من السخرية .. متحاولش تفكر ، مفيش !
.
.
●((الستينات و السبعينات))●
☆ "عادل امام" بدأ تمثيل سنه ٦٢ في شوية ادوار ثانوية مسرحية جنب عمالقة الكوميديا امثال "عبد المنعم مدبولي" و "فؤاد المهندس" و اللي اشادوا بموهبته و تنبئوا بنجاحه ..،
و طبعاً من المسرح للسينما ، و خطوة بخطوة بدأت مساحات ادواره تكبر شويه بشويه لحد منتصف السبعينات كده ..، و قبل ما ييجي اوان أدوار البطولة المطلقة في نقطة مهمة لينا عندها وقفة ..
المشكلة ان الحقبة الزمنية دي تحديداً في تاريخ السينما المصرية كانت زي الزفت كصناعة معتمدة بشكل كبير علي العُري و الاغراء - حتى و ان كانت ضمن محتوي جيد- .. ؛ و رغم ان "عادل" شارك في الموجة السينمائية دي بأدوار ثانوية كتيير أوي ، إلا انه في الفترة دي قدر يخطفله كام فيلم كويسين و منهم أفلام بطولة مُطلقة أو مُناصفة مع نجوم كبار زي ملك الكوميديا "عبد المنعم مدبولي" في فيلم (احنا بتوع الأتوبيس) ، او مع ملك الترسو "فريد شوقي" في الفيلم الممنوع من العرض -اللي محدش يعرف عنه حاجه- (الخدعة الخفية)
☆ تزامنت الفترة دي مع تألق "الزعيم" بعد نجاحه الكبير في مسرحية (مدرسة المشاغبين) اللي استمر عرضها حوالي ٤ سنين و لفت معظم الدول العربية .. و من بعدها طبعاً (شاهد ماشفش حاجة) و قابلت نفس النجاح ؛ و هنا قرر يدخل ع التمانينات برجله اليمين !
* هوووب .. نقطه و من أول السطر .

●((التمانينات))●
اللي هي فترة إنتعاش في تاريخ السينما المصرية ؛ او بمعنى أصح .. كانت فترة إنتعاش لأربع حيتان بس كان لهم الفضل في إنتشال عراقة السينما المصرية من الوحل السبعيناتي :
(عادل إمام ؛ أحمد زكي ؛ محمود عبد العزيز ؛ نور الشريف)
أي اسم تاني جه علي بالك و انت بتقرا الأسامي دي إنساه .. حتي و ان كان موهوب او حتي عبقري زي (يحيي الفخراني ، فاروق الفيشاوي ، نبيلة عبيد)
- المقصود هنا مش التقليل من الباقي ، المقصود ان محدش قدر يجاري الأربعة دول في نجاحاتهم في الوقت ده 
☆ كل واحد ف الأسامي الأربعة دول قدم أفضل ما عنده في التمانينات و التسعينات .. كل واحد فيهم -ع الاقل- له ١٠ أفلام تعتبر علامات فارقة في السينما المصرية في الفترة دي ، و الأفلام دي لو يعيبها حاجة حتبقي هفوات اخراجية بسيطة تُنسب للإمكانيات المادية و التكنيك المتواضع وقتها مش اكتر ..
☆ و بعيداً عن مقارنة الموهبة بين الأربعة ، لأن تقييم الموهبه او الآداء شئ نسبي حتى و لو اتفق عليه الغالبية ، فهو يظل لا يُكيّل و لا يُقاس .. بعكس النجاح الفني اللي آثاره بتنعكس و تقدر الناس تلاحظه بسهولة .. و لأن الله يرحمه "احمد زكي" يمسح كل ممثلين جيله بريأكشن واحد علي وشه -(رأي شخصي)-
ف المقارنة دي حتبقى ظالمة لكل الاطراف !
لكن هنا حنتكلم عن حاجة تانية غير الموهبة -اللي مش بنفيها طبعاً عن عادل إمام- .. حنتكلم عن متلازمة الإستمرارية و الجودة ..؛
* إزاي تثبت عقود علي القمة في ظل المنافسة الشرسة دي و انت أصلاً مُصنف ك (كوميديان) بخلاف الثلاث عمالقة المنافسين !!
-و ده طبعاً غير الممثلين اللي نفسهم قصير او اللي كانوا بيتنافسوا في دوري الدرجة التانية-
* إزاي تفضل طول مشوارك الفني مطلوب (و بأعلى أجر) -مع العلم ان الأجور مش بتدفع مجاملة .. دي إنعكاس لرغبة الجمهور في انه يشوف "عادل امام"- !
* ازاي تفضل رقم واحد رغم تعاقب أجيال مختلفة بتقدم محتوي جديد أقرب لجيلهم !!
¶ طيب ، خلينا نتكلم عن نصيب “الزعيم“ في الحقبة الزمنية دي و نعرف ازاي فرض سطوته و بنى اسطورته ..،
☆ فتره التمانينات دي بقى بالذات كانت تعتبر التحدي الأكبر ل "عادل امام" رداً علي من ينتقص من موهبته .. فكان لازم يثبت انه مش مجرد (مهرج) ، و فعلاً بدأ يقدم أعمال لها طابع درامي بحت و يثبت للجميع إنه مش مقيد بالأدوار الكوميدية بس ، و لكن ممثل من العيار الثقيل .. و دي في حد ذاتها كانت مغامرة و مخاطرة ، لأن الجمهور بدأ يشكّل شخصية (عادل إمام ) الكوميدية الخفيفة .. و بدأ يدوّر عليها و يستناها .. إزاي مرة واحدة تغير جلدك و تقدملي فيلم سوداوي قاتم بآداء درامي بحت !!
هي دي بقي تركيبة او خلطة "عادل امام" السحرية .. الراجل ده كان بيعمل (ع الأقل ) ٣ او ٤ افلام في السنة عشان يرضي كل الأذواق .. عرف يمسك العصاية من النص و يعمل موازنة .. امتى يقدم أعمال تجارية بحته ، و امتى يقدم أفلام ذات قيمة فنية !!
عرف يقرأ الشارع المصري ، خلق من الصعلوك بطل .. إحترف شخصية الفتوّة لكن بشياكة و بشكل مختلف ، فأصبح القوي - الذكي - زير النساء .. و ما إلي ذلك !
- يعني مثلا "عادل امام" سنه ١٩٨٤ قدم ٧ أفلام !! أيوه سبعة .. منهم فيلمين تلاتة هدفهم تجاري بحت زي مثلاً (احترس من الخط) او (واحدة بواحدة) .. لكن في نفس السنة كان بينافس في مهرجان قرطاچ علي جايزة أحسن ممثل في فيلم (حتي لا يطير الدخان) -اللي انا شخصياً بعتبره انضج أدواره و أفضل أفلامه - و هي نفس السنة اللي عمل فيها ( الأڤوكاتو ) اللي كان حيتسبب في سجنه بسبب جرأته و تهكمه علي هيئة القضاه !!
ناهيك بقي عن (الحريف - الإنسان يعيش مره واحده - الغول - المشبوه ) و باقي الأفلام اللي قدمها في العقد ده و كان ليها من الوزن النقدي ما يساوي او يزيد عن الوزن الجماهيري
المشبوه
الإنسان يعيش مرة واحدة
على باب الوزير
الغول
المتسول
الحــريــــــــــــف
و كمان مرة الحريف
خمسة باب
حتي لا يطير الدخان
الأڤوكاتو
حب في الزنزانة
عنتر شايل سيفه
زوج تحت الطلب
انا اللي قتلت الحنش
واحدة بواحدة
النمر و الانثي
كراكون ف الشارع
سلام يا صاحبي
المولد
* طبعاً الأفلام دي كلها نالت نجاح جماهيري و مادي لا يُقارن -بإستثناء الحريف-
أما على المستوى الفني و النقدي ف يكفي إعادة ذِكر الرُباعية الأسطورية لمنتصف التمانينات
(الحريف - حتى لا يطير الدخان - الغول - الأڤوكاتو)

●((التسعينات))●
مرحلة النُضج و التوجه السياسي ، و مثلث برمودا المُرعب
☆ في إحدى لقاءاته التليفزيونية ، الزعيم بيقول للمحاورة :
(وحيد حامد ، شريف عرفة ، عادل إمام) أكيد في حاجة كبيرة هتطلع !
- النقلة الأهم في تاريخ "الزعيم" ؛ تعاونه مع وحيد حامد و شريف عرفة في الرباعية التاريخية (طيور الظلام ، المنسي ، الإرهاب و الكباب ، اللعب مع الكبار)
التعاون ده كان له فضل كبير في ترسيخ إسم "عادل امام" في التسعينات و هيمنته عليها ، و غيرها طبعاً من الأفلام ذات الطابع السياسي الجرئ .. زي الإرهابي أو الواد محروس بتاع الوزير ..،
لكن اللي كان بيساعد "عادل" في جرأه الطرح دي هو ذكائه الإجتماعي اللي يضاف لذكائه الفني طبعا - و يمكن غيري يسميه نفاق إجتماعي - .. و لكل منا قناعاته الشخصية !
# "سعيد صالح" رحمة الله عليه كان بيقول في احد لقاءاته : انا بخلص مسرح و أنزل أسهر في السيده زينب .. اما "عادل" ف بيخلص و ينزل يسهر مع كبار رجال الأعمال و السياسيين !!
يعني بإختصار "عادل امام" عرف يسلك بين الناس دي و يقدم المحتوي اللي هو عايزه بحرية .. بعكس "سعيد صالح" اللي جرأته في الطرح من غير توطيد العلاقات دي أدت الي سجنه !!
* و يمكن ذكاء "عادل" الإجتماعى ده هو اللي وصله لمنصب مرموق زي سفير النوايا الحسنة للأمم المتحده الخاصه بشئون اللاجئين ، و هو كمان اللي وطد علاقاته بمعظم رؤساء الدول في المنطقة العربية اللي كانوا فعلياً (صُحابه) !!
- نرجع بقى لنصيب "الزعيم" من التسعينات
طيور الظلام
الارهاب و الكباب
المنسي
اللعب مع الكبار
الإرهابي
النوم في العسل
شمس الزناتي
الواد محروس بتاع الوزير
جزيرة الشيطان
حنفي الأبهه
مسجل خطر
رسالة إلي الوالي
و ده طبعاً كان بجانب مسرحية (الزعيم) اللي حققت نجاح منقطع النظير ، و لفت العالم العربي و إستمر عرضها ٧ سنوات ؛ و مفتكرش اني سمعت الرقم ده قبل كدة لمدة عرض مسرحي !

●((الألفية الجديدة))●
☆ الإنتشار و الكثافة اتغيروا في الألفية الجديدة نسبياً بسبب تداخل الأجيال ، و مع ذلك قدم "الزعيم" حوالي ٧ او ٨ أفلام ، و كلها نجحت -منها اللي نجح ع المستوى الفني و النقدي ، و طبعاً كلها نجحت و اكتسحت ع المستوي التجاري-
و ده يثبت أسطورة "الزعيم" و سيطرته علي شباك التذاكر رغم تقدم السن و صراع الأجيال الجديدة
عريس من جهه امنية
السفارة في العمارة
عمارة يعقوبيان
حسن و مرقص
بوبوس
زهايمر
التجربة النماركية
☆ "عادل إمام" من الممثلين القليلين أوي -في العالم- اللي بيتدخلوا في كل تفاصيل الفيلم تقريباً بسبب خوفه على شغله ، بداية من الكاستينج لحد الأفيش ، و دايماً تدخله موفق و في صالح العمل ..،
¶ القصة و السيناريو و الحوار :
"عادل إمام" ممكن يتدخل في الحوار و ده طبيعي منه كممثل مسرحي بيعتمد بشكل كبير على أسلوب الإرتجال لتحقيق الغاية و الوصول للمعنى المطلوب و مشاركة المشاهد الحالة الشعورية ، لكن مسار القصة نفسها أو السيناريو فنادراً ما بيحصل ..
¶ الأزياء و الميك اب :
مش كل الممثلين بتهتم بموضوع الأزياء ده ، لأن في واحد شغلته انه يختار ملابس الشخصية .. الكلام ده مش مع "الزعيم" ، لأنه بيختار أزياء شخصياته بنفسه ، لدرجة انه قبل التحضير لفيلم (الهلفوت) شاف شاب من منطقة شعبية بيلعب كرة ببنطلون ترنج مبهدل و مقطع ، اشترى منه البنطلون بخمسين جنيه و عمل بيه دور دسوقي ، و اختار كمان اللوك بتاع الشعر المنكوش .. و حتى طريقة الكلام المختلفة للشخصية !
¶ الموسيقى :
حتى موسيقى الأفلام لم تخلو من بصمته .. متستغربش ان موسيقى أفلامه عايشة لحد النهاردة ، لأنه بيوصي صنّاعها أوي عليها ، عشان عارف مدى أهميتها في بقاء العمل
اكبر دليل على الكلام ده هو الموسيقى اللي حتسمعها ف ودنك و انت بتقرأ أسماء الأفلام دي :
(شمس الزناتي .. خلي بالك من عقلك .. المشبوه .. عصابة حمادة و توتو .. السفارة في العمارة)
لموسيقيين مخضرمين أمثال : عمر خيرت ، هاني شنودة ، حسن أبو السعود ، كمال بكير
☆ من الحاجات اللي تحسب ل"عادل امام" إحتفاظه بنفس الكاست اللي بيشتغل معاه في معظم أفلامه .. (صديق عمره سعيد صالح ، صهره مصطفي متولي ، احمد راتب ، يوسف داوود ، جميل راتب ، محمود الجندي ، نظيم شعراوي ، صلاح نظمي ، علي الشريف ) رحمهم الله ، رجاء الجداوي ، احمد بدير ، فاروق الفيشاوي ، احمد ماهر ، عزت ابو عوف ..، و ده طبعاً غير ثنائياته مع (يسرا ، لبلبه ، سعاد حسني ، إسعاد يونس ، شيرين )
- حتي الكومبارسات اللي بتتضرب حتلاقيها هي هي في معظم أفلامه !!
☆ صعب تخرج من فيلم ل "عادل امام" من غير إفيه ولا اتنين ، او حتي موقف يفضل معلق معاك ، افيهاته مبتقدمش .. أفلامه فيها روح .. أفلامه عايشه .. بتضحك بجد و مش ممله مهما اتشافت و مهما عدى عليها سنين ، تلاقي نفسك بتدور في ١٠٠ قناة فضائية و تسيب فيلم "عادل امام" بشكل لا إرادي و كأنه شئ غريزي !
طب أقولك حاجة .. إمسك ريموت التليفزيون ، و قلب كدة في قنوات الأفلام في أي يوم و في أي وقت .. أتحداك متلاقيش فيلم للزعيم !!
☆ "عادل امام" قامه فنيه كبيرة جداً و ليها وزنها في العالم العربي كله مش بس مصر ..
صدق الكاتب الراحل "أحمد رجب" في وصفه للزعيم بجملة واحدة ..
“ عادل إمام هو القراءة للجميع ! “
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق