الجمعة، 15 نوفمبر 2019

جريمة الزنا وجريمة قتل المرأه المتلبسة بالزنا

جريمة الزنا وجريمة قتل المرأه المتلبسة بالزنا " منقول"
اتفقت كافة الديانات السماوية على تحريم جريمة الزنا سواء بزواج أو دون زواج؛وذلك صيانة للأخلاق والفضيلة عند البشر وتطهيراً للنفس من الرذيلة, ولكن اختلفت التشريعات الوضعية في نظرَتها إلى هذه الجريمة فمنها من كان قد جرمه كالمشرع الفرنسي, والذي ما لبث وأن ألغى العقوبة, فقد اعتبر أن تجريم مثل هذا الفعل لا طائل منه, فمن لم تردعه أخلاقه عن ارتكابه, لن تردعه أي عقوبة, واكتفى بما أقره المشرع الإنجليزي أي بالطلاق والتفريق كجزاء عادل إذا ما طلب الزوج ذلك
وربما تتعجب إذا أخبرتك و لأول مرة انه لا يوجد في مصر قانون يعاقب علي الزنا بين رجل وامرأة غير متزوجين إذا مارسوا الرذيلة في غير العلانية ، وربما تتعجب أكثر إذا علمت أن لا يوجد قانون في مصر يعاقب علي ممارسة الشذوذ الجنسي بين الرجال بعضهم البعض وهو ما يعرف باللواط ، والنساء مع بعضهم البعض هو ما يعرف بالسحاق
ولتسمح لي عزيزي القارئ أن آخذك في جوالة قانونية حتى تتحقق من كلامي
أولا : طبقا للدستور المصري المستفتي عليه في 2012 وفي المادة 76 نصت علي " العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني ، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون "
فانه يظهر لنا من نص المادة انه لا يوجد عقاب علي جريمة إلا بنص في الدستور أو القانون وان أي فعل لم ينص القانون أو الدستور علي العقاب عليه فهو مباح ولا عقاب عليه ، ولما كان لازما علي جهة النيابة العامة حتى تحول قضية إلي المحكمة سواء كانت جناية أو جنحة أن تضع وصفا لها ، والوصف هو أن تحدد النيابة بأي مادة قانونية سوف يحاكم المتهمين ، لذلك فان الجزئية الواردة بالدستور والخاصة بان لا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني ، تخرج منها الجزئية الخاصة بالعقاب طبقا لنصوص مواد الدستور ، لان مواد الدستور لا تنص علي عقوبات لذلك فان هذه الجزئية تخرج عمليا من الاستخدام خصصا وأنها وضعت لأول مرة في هذا الدستور وبالتالي لا توجد آليات لاستخدامها ولا يمكن تطبيقها عمليا
لذلك فان المتهمين يحاكمون أما المحاكم طبقا لنصوص القانون والتي يشتملها قانون العقوبات والقوانين الفرعية الاخري
ولنبدأ بقانون العقوبات الذي ينقسم إلي عدة أقسام وكل قسم ينقسم إلي أبواب فهناك قسم الجنايات والجنح التي تحدث لآحاد الناس ويتفرع منه الباب الخاص بهتك العرض وفساد الأخلاق ، وهذا الباب يحتوي علي أربعة عشر مادة منهم ثلاث مواد ملغاة واليك تلخيصا لهذه المواد
المادة الأولي : خاصة بالاغتصاب
المادة الثانية : خاصة بهتك العرض ( والمادتين الأولي والثانية يلزم لحدوثهم أن يكون بغير رضاء الطرف الآخر )
المادة الثالثة : خاصة بهتك عرض الأطفال ( وهذه المادة لا يعتد فيها برضاء الأطفال دون الثامنة عشر )
المادة الرابعة : خاصة بالفعل الفاضح العلني
المادة الخامسة والسادسة والسابعة : ملغاة
المادة الثامنة : لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء علي دعوي زوجها ولا تسمع الدعوي إذا كان الزوج قد سبق وزني في منزل الزوجية ( ويلزم لتحقق جريمة الزنا أن تكون المراهم تزوجه وان يحرك زوجها الدعوي ضدها وان لا يكون الزوج قد سبق وان قبض عليه متلبسا في جريمة زني في منزل الزوجية )
المادة التاسعة : خاصة بمدة سجن الزوجة الزانية
المادة العاشرة : معاقبة الرجل الزاني الذي زني بامرأة متزوجة
المادة الحادية عشر : خاصة بكيفية إثبات جريمة الزنا
المادة الثانية عشر : كل زوج زني في منزل الزوجية وثبت عليه الامر بدعوي من الزوجة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر
ويظهر من هذه المادة أن هناك عدة شروط يلزم توافرها لعقاب الزوج الزاني وهي
- أن يكون متزوج
- أن تكون الواقعة في منزل الزوجية
- أن تحرك الزوجة الدعوي الجنائية
- أن تتم أثبات الواقعة عليه
وإذا تخلف أي شرط من هذه الشروط فانه لا تتوافر أركان الجريمة وبالتالي لا يمكن محاكمته طبقا لهذه المادة
المادة الثالثة عشر : خاصة بالعقاب علي كل فعل فعلا مخل بالآداب العامة بطريق العلانية
المادة الرابعة عشر : خاصة بمعاقبة كل شخص ارتكب مع امرأة فعلا مخلا بالحياء في غير العلانية
ومن شروط هذه المادة أن يكون الفعل قد تم بدون رضاء المرآة حتى تستوجب معاقبة الفاعل
وهناك أيضا الباب الثامن والذي يحوي المواد الخاصة بالاغتصاب ومن أهم شروط الاغتصاب أن يكون وقع بغير رضي الأنثى لذلك فانه يخرج من موضوعنا
كذلك هناك المادة رقم 385 خاصة بمخالفات متعلقة بالآداب وهي ملغاة
كذلك هناك القانون رقم 8 مارس لسنة 1961 والخاص بمكافحة الدعارة ومن أهم شروط جريمة الدعارة أن تتم العلاقة بين الرجل والمرآة نظير مقابل يدفعه احد الطرفين إلي الطرف الأخر ، لذلك فهي أيضا تخرج من موضوعنا
ومما سبق وبعد عرض كافة القوانين والمواد التي لها صلة بالجرائم الجنسية طبقا للقوانين المصرية فانه يظهر لنا خلو القوانين المصرية من عقاب كل من مارس الجنس أو أي فعل مخل بالآداب إذا لم يكون طرفي العلاقة متزوجين وكان عمرهم اكبر من ثمانية عشر عاما ، ولذلك فان القانون المصري لا يعاقب علي هذه الوقائع إذا حدثت في غير العلانية
- كل رجل وامرأة مارسا أي عمل منافي للآداب إذا كان عمرهم اكبر من ثماني عشر عاما
- كل امرأة متزوجة قبض عليها متلبسة وهي تزني إذا لم يحرك زوجها دعوي ضدها
- كل رجل متزوج قبض عليه متلبسا وهو يزني إذا كان محل الواقعة في مكان غير منزل الزوجية
- كل رجل متزوج قبض عليه متلبسا وهو يزني إذا لم تحرك زوجته دعوي ضده
- كل رجل قبض عليه يمارس الشذوذ الجنسي مع رجل مثله
- كل أمراه قبض عليها وهي تمارس الشذوذ الجنسي مع أمراه مثلها
لذلك فانه يظهر أن القوانين المصرية لا تعاقب عل العديد من الوقائع الجنسية التي تعد جريمة وفقا للشريعة الإسلامية
ولعل أكثر ما يدهشني هو عدم قيام أي شخص من التابعيين إلي التيار الإسلامي والمناجيين بتطبيق الشريعة والذين صدعوا رؤسنا بالمشروع الإسلامي من إثارة هذا الموضوع أثناء فتره تصدرهم المشهد سواء في مجلس الشعب المنحل أو مجلس الشورى أو حتى في وسائل الإعلام
ويبدو أنهم أصلا لم يسمعوا عن هذه الموضوع من قبل
على أن الثابت في القانون المصري إن المادة 237 من قانون العقوبات تنص على أن مَن فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها، يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة فى المادتين 234 و236، و القانون فى تلك الحالة حدد أن يكون المتهم زوج المجنى عليها بجريمة القتل، واشترط عدة شروط لقيامه بقتلها انتقاماً لشرفه، و المحكمة فى هذه الحالة تراعى أن الزوج كان فى حالة نفسية تهيئ له ارتكاب الجريمة، فتُخفف العقوبة مراعاة لظروفه، والتخفيف هنا بنص مادة فى القانون،
على أنه يختلف الأمر فى حالة الأب والأخ، فمن الجائز أن تراعى المحكمة ظروف ارتكاب الجريمة، فتختلف العقوبة باختلاف تأثير الظرف وتوقيت القتل ومدى وجود السلاح مع المتهم، وهل كانت لديه فرصة للتفكير أم لا؟ وهل أعد السلاح خصيصاً للجريمة أم أخذ وقتاً لإحضاره؟ وفى كل الأحوال تُعد القضية «جناية قتل»، والعقوبة تعود لسلطة المحكمة.
أى أن الزوج إذا ضبط زوجته مع عشيقها يستفيد من التخفيف فى العقوبة، حيث قد تصل عقوبته إلى الحبس من سنة إلى 3 سنوات، وتعد هذه المادة هى الوحيدة التى تنص على عقوبة مخففة فى جريمة القتل.
وإثبات الزوج لخيانة زوجته مع عشيقها يثبت من خلال تواجدهما معا فى شقة الزوجية مع وجود بعض المظاهر التى تدل على علاقتهما غير المشروعة، حتى لو لم يتم ضبطهما فى وضع مخل فى حالة تلبس، فالزوج إذا ضبط زوجته فى وضع مخل مع عشيقها وتم التحفظ عليهما وإبلاغ أجهزة الأمن، فإن العقوبة التى توجه للزوجة وعشيقها هى الزنا وعقوبتها الحبس 3 سنوات، ويحق للزوج التصالح والتنازل حتى لو صدر حكم نهائى فى القضية.
على إن الزوج لا يحق أن يقيم دعوى زنا ضد زوجته إذا سبق وأن ضبطته متلبسا يخونها، وأقامت ضده دعوى زنا، أو حررت محضرا بالواقعة طالما أثبتت الأمر قانونا.
إذن الزوج إذا ضبط زوجته فى وضع مخل مع عشيقها فيحق له التحفظ عليهما ويشهد عليهما آخريين، وإذا قتلها ومن يزنى بها فيعاقب بعقوبة الجنحة وليست جنايه بيد ان إثبات جريمة الزنا من الأمور الصعب تحقيقها، حيث حددتها الشريعة بإشهاد 4 أشخاص وأن يراهما متصلين كالعود فى المكحلة والقلم فى المحبرة، لكن هناك بعض الدلائل التى تشير إلى وجود علاقة تثبت الخيانة مثل وجود مراسلات بين الزوجة وعشيقها، وخلاف ذلك فإن كل حالات القتل تعد جناية قتل عمد ويحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام
لم يقر قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 بمعالجة جريمة قتل الزوجة المتلبسة بالزنا في أي مادة من مواده ونرى أن هذا يتعارض مع تعاليم ديننا السميح وشريعتنا الإسلامية ولذلك يتوجب علينا تناول هذه المسألة التي تعتبر جزءا من الواقع الاجتماعي والذي يتعرض لمثل هذه الجرائم بشكل دائم ولذلك سندرس هذه الجريمة وفقا لمنظور وسياسة قانون العقوبات المصري .
تقر المادة 237 من قانون العقوبات المصري أن "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة في المادتين 234 الخاصة بالقتل العمد وعقوبته الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة" و236 ( الخاصة بالضرب المقضي إلي موت وعقوبته الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن من ثلاث إلي سبع سنوات )
بداية هذا النص لا يشكل عذرا مخففا للعقاب لأن العذر المخفف لا يغير من وصف الجريمة ولا من نوعها ولكن جريمة قتل الزوجة تغير وصفها من جريمة جنائية إلي جريمة جنحة وذلك بناءا علي عقوبة الحبس التي تنص عليها المادة بدلا من عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة .
جريمة قتل الزوجة عمدا هي ومن يزني بها حال التلبس تتميز عن جريمة القتل العمد بعناصر إضافية تشير إلي الركن المادي والمعنوي تؤدي إلي تغيير وصف الجريمة من جنائية إلي جنحة .
 العناصر التي تغير من وصف الجريمة هي ثلاثة :
صفة فاعل الجريمة ويتعلق بزوج فاعلة الزنا , وعنصر مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا والعنصر الثالث يشير إلي قتل الزوجة في الحال هي ومن يزني بها . أهم الأسباب التي تقف وراء تخفيف العقوبة في قتل الزوجة ومن يزني بها هو اهتياج الزوج واستفزازه وغضبه جراء المشهد الذي يقع أمام عينيه حيث يري شرفه يتلوث وكرامته تهان مما يؤدي إلي وضعه تحت ضغط نفس شديد يؤثر علي السيطرة علي إرادته .
صفة فاعل جريمة القتل :
من أهم الشروط التي يتطلبها القانون في جريمة قتل الزوجة بسبب تلبسها في الزنا هو أن يكون الجاني زوجاً لها وبذلك لا يمكن أن تقوم هذه الجريمة إذا وقع فعل قتل الزوجة من شخص آخر غير الزوج مثل الأب أو الأم أو الأخ أو أي شخص آخر مهما بلغت درجة القرابة من الزانية .
القانون المصري يعتبر أن الزوجة ليست لديها الحق بقتل الزوج في حال تلبسه في حالة زنا وذلك يرجع إلى أن الشرع أعطى الحق للرجل بالزواج من أربع وبالتالي من المحتمل أن تكون المرأة التي يضاجعها الزوج هي زوجته الثانية.
كذلك لا تنطبق المادة 237 على الخطيب أو الخليل حيث إذا رأى أحد منهما فتاته تواقع آخر وقتلها فسيسأل عن جريمة قتل عمد ولن يستفيد من تخفيف العقوبة . أما إثبات صفة الزوجة فيرجع إلى قانون الأحوال الشخصية ولذلك إذا كان الزواج فاسداً لأي سبب من الأسباب أو أن علاقة الزوجية قد انتهت بناء على " طلاق بائن " فلا يستفيد الزوج القاتل من تخفيف العقوبة
مفاجأة الزوجة متلبسة :
يأخذ الفقه المصري بعنصر مفاجأة الزوج زوجته متلبسة كشرط أساسي لتخفيف العقاب ولذلك يتطلب القانون المصري أن يخلق مشهد الزوجة وهي متلبسة حالة مفاجأة لدى زوجها تتسبب يهيجانه واستفزازه بدرجة لا يحتمل فيها السيطرة على غضبه واستفزازه فيهم ويقتلها ومن معها .
ولذلك في حالة أن الزوج كان يعلم مسبقا أن زوجته زانية وادعى أنه فوجئ فمن الممكن ووفقا للأحداث الموضوعية أن يحكم القاضي بعدم توافر عنصر المفاجأة وبالتالي عدم تخفيف العقاب .
الفقه المصري يعتبر أن المفاجأة تتحقق متى كان الزوج غافلاً عن سلوك زوجته وواثقاً من حسنه ومطمأن لها ويضبطها فجأة متلبسة .
كذلك يعتبر الفقه المصري أن عنصر المفاجأة ينتفي في حالة أن الزوج يعلم علم اليقين خيانة زوجته وأنه استدرج زوجته وزانيها على سبيل الغفلة بهدف قتلهما والاستفادة من تخفيف العقاب .
مثـــال 1 :
الزوج الذي يراقب الزوجة بعد شكه فيها فيضبطها متلبسة .
مثـــال 2 :
الزوج الذي يختبئ في بيته ويضبط زوجته متلبسة .
عنصر المفاجأة لا ينتفي بتوافر عنصر الإصرار من الزوج حيث أن الزوج قد يراقب زوجته التي يشك أن لها علاقة مع رجل آخر فيراقبها وبكل هدوء يضبطها متلبسة فيقتلها
حالة التلبس في الزنا تعني أن الزوج يشاهد زوجته وشريكها في حالة لا تترك أي مجال للشك في وقوع الزنا .
مثــال :
الزوج يرجع إلي البيت بشكل مفاجئ وإذا بزوجته ترتبك بمجرد رؤيته فيشك بأمرها ويدخل غرفة النوم فيجد عشيقها .
القتل في جريمة زنا الزوجة يجب أن يتم حال ضبط الزوجة متلبسة وإلا فلن يستفيد الزوج من تخفيف العقاب وفقا للمادة 237 , ولكن بحث الزوج عن أداة لقتل الزوجة ضمن وقت محدود ووجيز منذ لحظة المفاجأة لا ينفي واقعة التلبس وبالتالي الاستفادة من التخفيف
بالنسبة لتعدد الجناة في جريمة قتل الزوجة الزانية وشريكها يري الفقه المصري أن الزوج يعاقب بعقوبة جنحة إذا كان فاعلا أصليا لجريمة قتل زوجته الزانية . ولا جدال في ذلك لكن الفقه المصري يري أنه في حالة أن الزوج يرتكب جريمة قتل الزوجة كشريك مع فاعل آخر أصلي فإن الأخير يسأل عن جريمة قتل عمد لعدم توفر صفة الزوج في شخصه أما الزوج فيعد شريكا في جريمة قتل عمد لأنه يستمد جرمه من الفاعل الأصلي . نحن من جهتنا نري أن حالة الزوج الذي يشارك في جريمة قتل زوجته لتلبسها في الزنا شبيهة لحالة الفاعل الغير مباشر حيث تشير هذه الحالة إلي الجرائم التي يتطلب فيها القانون توافر صفة معينة في وجه الفاعل الأصلي لقيام الجريمة ولكنها لا تتوفر فيه وكي لا يفلت الفاعل الأصلي الذي لا تتوفر في وجهه هذه الصفة من العقاب يعتبره القانون فاعلاً غير مباشر للجريمة. هكذا يجب أن نقبل بأن الزوج الذي يشارك في جريمة قتل زوجته بسبب تلبسها بجريمة زنا قد نفذ جريمة قتل زوجته لتلبسها بالزنا وبالتالي تخفيف عقوبته إلى الدرجة التي ينص عليها القانون أما الفاعل الأصلي فيجب عقابه لاقترافه جريمة قتل عمد.
الشريعة الإسلامية والتشريعات الجنائية الأوروبية تعتبر أن جريمة القتل تقع باكتمال عناصر ركنيها المادي والمعنوي وتخفيف العقوبة المنصوص عليها إذا توفرت بعض الظروف المخففة ولذلك لا تعتمد هذه التشريعات بظروف أخرى مثل الترصد أو سبق الإصرار لتشديد العقوبة بل تكتفي فقط باكتمال أركان الجريمة لفرض العقوبة التي ينص عليها القانون .
علي عكس من ذلك يتبني الفقه الجنائي المصري دراسة منفصلة لجريمة القتل التي تضاف إليها عناصر عرضية وتتجسد هذه العناصر بسبق الإصرار والترصد . توافر هذين العنصرين يؤدي إلي فرض عقوبة الإعدام ضد فاعل جريمة القتل ولقد نصت المادة 231 علي عنصر الإصرار وعرفته على أنه القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه سواء أكان ذلك القصد معلقا علي حدوث أمر أو موقوف علي شرط . والإصرار وفقا لتفسير الفقه الجنائي المصري هو انعقاد العزم علي القتل والثبات عليه دون تغيير في الرأي ويعتبر الفقه المصري أن من يعقد النية علي القتل بتصميم وإصرار هو أشد خطورة من الفاعل الذي يندفع وراء اقتراف جريمة القتل تحت ضغط عاطفة الغضب أو استفزاز , ويتحدد مضمون الإصرار بناء علي عنصرين :
عنصر زمني يشترط مرور فترة زمنية بين إرادة الفاعل وبين تنفيذه القتل .
عنصر نفسي يشير إلي شخص الجاني ويتعلق بالفترة الزمنية الممتدة بين التفكير في الجريمة وتنفيذها حيث يفكر الجاني بهدوء وتدبر واختيار وسائل تنفيذ الفعل الإجرامي من اجل تحقيق نتيجته الإجرامية المتمثلة بالقتل .
أما الترصد فقد أشارت إليه المادة 232 من قانون العقوبات المصري حيث عرفته علي أنه " تربص الإنسان في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلي قتل ذلك الشخص أو إيذائه بالضرب ونحوه".
الترصد يقوم فقط بانتظار وترقب المجني عليه فترة من الزمن أيا ما كانت مدتها في مكان أو أكثر يتوقع قدومه منه أو إليه ليتوصل بذلك إلي الاعتداء عليه أو مفاجأته لشل مقاومته أو لمنع الغير من معاونته أو لضمان دقة إصابته أو لتعويق إسعافه أو لكي يهيئ لنفسه أفضل الغرض لتنفيذ جريمته أو للتخلص من أثارها..
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق