إنابة عضو الضبط القضائي بمباشرة إجراء التحقيق في القانون الجنائي العراقي
الأصل أن يتولى التحقيق الابتدائي قضاة التحقيق او المحققون تحت إشراف قضاة التحقيق، لما يتمتعون به من قدر عال من النزاهة والحياد والكفاءة وتحاط إجراءاتهم بالضمانات الدستورية والقانونية، حتى لا تهدر حريات الأفراد ولا تنتهك حرماتهم التي كفلتها المواثيق والاتفاقيات الدولية والدستور الوطني في دون ما سند في القانون، إلا أنه قد تقتضي الضرورة الإجرائية أن ينيب قاضي التحقيق المختص بصفة أصلية أو قاضي التحقيق أو عضو الادعاء العام أو المحقق الذين يحضرون إلى محل حادث ارتكاب الجريمة بصفة استثنائية عضو الضبط القضائي للقيام بإجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق بهدف كشف الجريمة والقبض على فاعليها،استناداً المادة 52 الفقرة أ من قانون الأصول الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل إذ نصت (( يقوم قاضي التحقيق بالتحقيق في جميع الجرائم بنفسه أو بواسطة محققين وله أن ينيب أحد أعضاء الضبط القضائي لاتخاذ إجراء معين )) والمادة 46 من ذات القانون أعلاه إذ نصت (( تنتهي مهمة عضو الضبط القضائي بحضور قاضي التحقيق أو المحقق أو ممثل الادعاء العام إلا في ما يكلفه به هؤلاء))، ويرجع سبب أمر التكليف بالإنابة لاعتبارات عملية تتعلق لأجل سرعة إنجاز التحقيق فقد تكون سلطات التحقيق مثقلة بكثرة أعمال التحقيق الأخرى، مما قد لا يتسع لها في الوقت نفسه مباشرتها جميعاً أو لقلة عدد المحققين الذين يستعين بهم في التحقيق، مما يفرض على قاضي التحقيق أن يأمر بتكليف عضو الضبط القضائي للقيام ببعض إجراءات التحقيق بالنيابة عنه، وكما أن أعضاء الضبط القضائي عادة يتحلون بالقدرة والكفاءة والخبرة وسرعة الأداء تبرر للجوء إليهم لتنفيذ بعض إجراءات التحقيق، ولكي يكون أمر الإنابة بإجراء التحقيق صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية أن تتوافر الشروط التالية:
1 _ أن يصدر أمر التكليف من قاضي التحقيق المختص أو ممثل الادعاء العام أو المحقق إلى عضو الضبط القضائي بإجراء من إجراءات التحقيق بالنيابة عنه وبذات الشروط التي يتقيد بها .
2 _ أن يصدر أمر التكليف بالإنابة إلى عضو الضبط القضائي المختص نوعياً أو مكانياً بمباشرة إجراء التحقيق.
3 _ أن يكون موضوع التكليف ( موضوع الإنابة) من إجراءات التحقيق التي يجوز الإنابة فيها ( الندب فيها ) كالانتقال والمعاينة أو تدوين أقوال الشهود أو إجراء الكشف على جثة ميت بعد دفنه بواسطة خبير أو طبيب عدلي أو إجراء التفتيش ،أما الاستجواب فإن المشرع العراقي لم يستثنيه من إنابة عضو الضبط القضائي في المباشرة بإجرائه بنص صريح في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل على غرار المشرع المصري الذي حظر جواز انتداب مأمور الضبط القضائي للقيام باستجواب المتهم إلا في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت في المادة 70/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 التي نصت (( لقاضي التحقيق أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي بالقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ،ويكون للمندوب في حدود ندبه كل السلطات التي لقاضي التحقيق )) على رغم أن الاستجواب يعد من أخطر الإجراءات التي تباشرها سلطات التحقيق من أجل استجلاء الحقيقة و أنه قد أحيط بجملة من الضمانات الدستورية والقانونية ،لتلافي التعذيب أو الإكراه أو غيره من الوسائل غير المشروعة التي قد يتعرض إليها المتهم أثناء التحقيق معه لحمله على الاعتراف بالجرم خلاف الحقيقية أو عدم منحه الحرية الكافية للاستماع إلى أقواله للدفاع عن نفسه وتفنيد الاتهام الموجه إليه والأدلة المتوفرة ضده ، مما قد يترتب عليه نتائج خطيرة في مسار التحقيق ، لذا نهيب من المشرع العراقي أن يحذو حذو المشرع المصري بأن يحظر الإنابة بالمباشرة في استجواب المتهم على عضو الضبط القضائي صراحة في نص المادة 52 / أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل وأن يحصر ذلك الأجراء التحقيقي الخطير فقط بقاضي التحقيق أو المحقق القضائي مع مراعاة ضمانات استجواب المتهم الدستورية والقانونية، لتلافي الانتهاكات التي قد يتعرض إليها المتهمين في دور التحقيق الابتدائي من قبل أعضاء الضبط القضائي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق