الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

اختصاص المحكمة الدستورية العليا في البحرين

 


حدد الدستور المعَدّل لمملكة البحرين الصادر في 14 فبراير 2002م، اختصاص المحكمة الدستورية في المادة (106) التي جاء فيها:


 


"تنشأ محكمة دستورية... وتختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح".


 


كما نصّ قانون إنشاء المحكمة الدستورية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2002، في المادة (16) على أن " تختص المحكمة الدستورية دون غيرها بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح".


 


ومَناط هذين النصّيْن أن الاختصاص المعقود للمحكمة يتمثل في إعمال الرقابة على دستورية القوانين واللوائح أي أن رقابتها تنصرف إلى السلطة التشريعية من حيث التحقق من التزامها في سَن القوانين بالحدود الواردة بالدستور، كما يشمل اختصاصها أيضا إعمال الرقابة على السلطة التنفيذية عند وضعها للوائح والبت في مدى التزامها بالضوابط الدستورية بهذا الشأن.


 


وحيث أقر المشرّع الدستوري نظام الرقابة القضائية المركزية على دستورية القوانين واللوائح، فإنه لا يجوز لمحاكم المملكة على اختلاف أنواعها ودرجاتها التصدي لرقابة الدستورية إلا ما يتعلق منها بالإحالة التلقائية إلى المحكمة الدستورية أو بتقدير الدفوع المثارة أمامها بعدم الدستورية على النحو المنصوص عليه في البندين (ب) و (ج) من المادة (18) من قانون المحكمة الدستورية.


 


ومن شأن نظام الرقابة القضائية المركزية كفالة استقرار المعاملات القضائية وتحقيقُ وحدة التفسير والانسجام في المنظومة التشريعية وتوحيدُ الاجتهاد القضائي الدستوري الذي يعتبر دَيدَن الشرعية الدستورية وصرحَها المنيف.


 


ولعل ما تتميز به المحكمة الدستورية بمملكة البحرين من حيث مدى الاختصاص الموكول إليها ونطاقه وطبيعة النصوص التشريعية واللائحية الخاضعة لرقابة المحكمة، هو انصرافُ هذه الرقابة من حيث المبدأ إلى مجمل التشريعات، دون تقييد، سواء ما صدرَ منها عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية، حيث جاء نص كل من المادة (106) من الدستور والمادة (16) من قانون إنشاء المحكمة الدستورية مطلقا وصريحا من حيث المبنى والمعنى في إسناد الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح من دون تحديد أو تخصيص إلى المحكمة الدستورية، بما مُؤداه القول بشمول اختصاص المحكمة،كمبدأ عام، بالنظر في سائر القوانين واللوائح.


 


كما تتميز المحكمة الدستورية بمملكة البحرين من حيث الاختصاص، بشمول هذا الاختصاص للشكليْن الرئيسيين للرقابة على دستورية القانون وهما الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة.


 


فقد ورد في المادة (106) من الدستور ما يلي:


 


".....ويكفل (القانون) حق كل من الحكومة ومجلس الشورى و مجلس النواب وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم في الطعن لدى المحكمة في دستورية القوانين واللوائح.... "


 


كما ورد فيها أيضا:


 


"للملك أن يحيل إلى المحكمة ما يراه من مشروعات القوانين قبل إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور".


 


وتشكّل هذه المقتضيات السندَ الدستوري لكل من الرقابة المسبقة التي تنصرف إلى مشروعات القوانين - دون اللوائح - التي يملك جلالة الملك صلاحية إحالتها إلى المحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريتها، والرقابة اللاحقة التي تمثل جوهر الرقابة القضائية.


 


وتشمل الرقابة القضائية اللاحقة المخولة للمحكمة الدستورية مختلف صور الرقابة المعمول بها في القضاء الدستوري المقارن وذلك تأسيسا على مقتضى المادة (18) من قانون إنشاء المحكمة الدستورية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (27) لسنة2002، التي ورد بها ما يلي:


 


"ترفع المنازعات الخاصة بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:


 


• بطلب من رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشورى أو رئيس مجلس النواب.


 


• إذا تراءى لإحدى المحاكم أثناء نظر إحدى الدعاوى عـدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النـزاع، أوقفت المحكمة الدعوى، وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية للفصل في المسألة الدستورية.


 


• إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت هذه المحكمة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز شهرا واحدا لرفع دعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد المحدد اعتبر الدفع كأن لميكن ".


 


فمقتضى هذه المادة أن الرقابةَ اللاحقة التي تختص بها المحكمة الدستورية تنصرف إلى الصور الرقابية الثلاث الأكثر شيوعا على مستوى القضاء الدستوري المقارن، حيث تمتد أوجه اتصال المحكمة بالمنازعات الدستورية إلى ما يلي:


 


• الرقابة عن طريق الطلب المباشر أجاز القانون لكل من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب حق الالتجاء مباشرة إلى المحكمة الدستورية بمقتضى طلب من دون أن يكون ذلك مسبوقا بدفع في دعوى منظورة.


 


• الرقابة عن طريق الإحالة التلقائية من محاكم الموضوع إعمالا لمبدأ رجحان النص الأعلى على النص الأدنى، خوّل القانون لمحاكم الموضوع بمختلف درجاتها أن تحيل إلى المحكمة الدستورية أي نص قانوني أو لائحي لازم للفصل في النزاع المعروض أمامها، إذا ما تراءى لها عدم دستوريته، وذلك للبت فيه.


 


• الرقابة عن طريق الدفع الفرعي أقرّ القانون إلى جانب الشكلين المشار إليهما أعلاه للرقابة اللاحقة، الدعوى الدستورية عن طريق الدفع الفرعي المُبدى من الأفراد، وتتحقق هذه الصورة عندما يدفع أحد الخصوم في نزاع منظور أمام إحدى محاكم الموضوع بعدم دستورية نص قانوني أو لائحي يُراد تطبيقه على النزاع، فيكون على القاضي حينئذ أن يتصدى لتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وفي حالة تقريره لذلك فإنه يتعين عليه تأجيل الدعوى المنظورة أمامه وتحديد ميعاد لا يتجاوز شهرا للخصم الذي أثار الدفع لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية.


 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق