الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

التعليم المغشوش:

 التعليم المغشوش:

ـــــــــــــــــــــــــــــ
هناك ما يشبه القاعدة فى المعاملات الاقتصادية تقضى بأهمية التناسب بين الجهد المبذول، والأجر المدفوع، حيث قد يؤدى الفرق الكبير إلى سعى صاحب الجهد إلى تعويضه بوسيلة أو وسائل ما، وهو ما يفسر ما كنا نسمعه من بعض موظفى الحكومة، عند الشكوى من بطء الإجراءات، أو التراخى، يقولون" على أدّ فلوسهم"؟!!
وهذا ما قد يفسر إلى حد ما بعض جوانب تراجع ملحوظ فى الخدمة التعليمية بمدارس الحكومة..فبعد أن كنا – منذ أكثر من نصف قرن – نسمع بما كان يسمى " التعليم الأميرى"، والنظر إليه بعين التقدير والفخر والاعتزاز، أمام ما كان يسمى التعليم الأهلى( الخاص) ، الذى كان على العكس من ذلك، فإذا بمقياس التقدير يتم التبادل بينهما، فيكون تواضع الحال هو شأن التعليم الحكومى، وعلو المقام، وارتفاع درجة التقدير بالنسبة للتعليم الخاص..
لم يشهد التعليم الرسمى تناسبا فى التقدم بين توافر الإمكانيات، وبين تزايد الطلب الاجتماعى على التعليم، فى وقت نص فيه الدستور على مجانية التعليم، مما جعل القدر الأكبر من التمويل يقع على عاتق الدولة..
هنا بدأت المساحات الخالية والخضراء فى المدارس العامة تتراجع أمام زحف إنشاء فصول جديدة، بدلا من إنشاء مدارس جديدة..
وبدأ التزايد فى عدد تلاميذ الفصل الواحد بصورة مفزعة..
ومعنى هذا إلقاء مزيد من العبء على كاهل المعلم، فى الوقت الذى شاهدنا فيه راتبه يسير بسرعة السلحفاة، والاحتياجات المعيشية بسرعة الأرنب..فأصبح ما يتلقاه التلاميذ من خدمة تعليمية ما يصح تشبيهه، مع الاعتذار، بالتعليم المغشوش..أو صناعات " بير السلم"؟!!
وهنا برزت الدروس الخصوصية، كسوق موازية..تقدم خدمة تعليمية أفضل لمن يدفع أكثر..
وتفاقمت الظاهرة، إلى درجة أن أصبح الكثير من المدارس العامة خالية فى النصف الثانى من العام الدراسى من التلاميذ..فالكل يتجمع هناك..فى السوق الموازية..مراكز الدروس الخصوصية..
وبدأت سوق موازية أخرى فى الظهور والاستشراء..
المدارس الخاصة، بمستوياتها المختلفة، وأنواعها المتعددة، وفق أسعار فلكية..
بل ودخلت مؤسسات التعليم الرسمى المزاد، بالالتفاف حول مجانية التعليم ، منذ وقت مبكر..
- عندما ظهر ما يسمى التعليم الابتدائى بلغة..أوائل السبعينيات ، مع بدء تغول سياسة الانفتاح، واستشراء الخصخصة..
- وكذلك الجامعات باستحداث ما سمى بالتعليم بلغة أجنبية..
- وأخيرا بتنبى نظام الساعات المعتمدة الذى تبنى الشكل دون المضمون، المهم، أنه أصبح مبررا لتدفيع الطلاب المزيد المصروفات..
وهكذا أصبح العدل التربوى يذبح بصورة علنية..
فالكثرة الغالبة من أولياء الأمور لا يقدرون على تحمل تكلفة السوق الموازية..
أما من معهم المال الوفير..أو حتى بعضه، فقد اتجهوا بالأبناء إلى السوق الموازية، ويتساقط كثيرون من أبناء الفقراء ، لفقد مقومات التنافس المالى، اللهم إلا إذا سعى البعض إلى استنبات مصادر دخل أخرى ..
٣٦
٨ مشاركات
أعجبني
تعليق
مشاركة
التعليم المغشوش:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هناك ما يشبه القاعدة فى المعاملات الاقتصادية تقضى بأهمية التناسب بين الجهد المبذول، والأجر المدفوع، حيث قد يؤدى الفرق الكبير إلى سعى صاحب الجهد إلى تعويضه بوسيلة أو وسائل ما، وهو ما يفسر ما كنا نسمعه من بعض موظفى الحكومة، عند الشكوى من بطء الإجراءات، أو التراخى، يقولون" على أدّ فلوسهم"؟!!
وهذا ما قد يفسر إلى حد ما بعض جوانب تراجع ملحوظ فى الخدمة التعليمية بمدارس الحكومة..فبعد أن كنا – منذ أكثر من نصف قرن – نسمع بما كان يسمى " التعليم الأميرى"، والنظر إليه بعين التقدير والفخر والاعتزاز، أمام ما كان يسمى التعليم الأهلى( الخاص) ، الذى كان على العكس من ذلك، فإذا بمقياس التقدير يتم التبادل بينهما، فيكون تواضع الحال هو شأن التعليم الحكومى، وعلو المقام، وارتفاع درجة التقدير بالنسبة للتعليم الخاص..
لم يشهد التعليم الرسمى تناسبا فى التقدم بين توافر الإمكانيات، وبين تزايد الطلب الاجتماعى على التعليم، فى وقت نص فيه الدستور على مجانية التعليم، مما جعل القدر الأكبر من التمويل يقع على عاتق الدولة..
هنا بدأت المساحات الخالية والخضراء فى المدارس العامة تتراجع أمام زحف إنشاء فصول جديدة، بدلا من إنشاء مدارس جديدة..
وبدأ التزايد فى عدد تلاميذ الفصل الواحد بصورة مفزعة..
ومعنى هذا إلقاء مزيد من العبء على كاهل المعلم، فى الوقت الذى شاهدنا فيه راتبه يسير بسرعة السلحفاة، والاحتياجات المعيشية بسرعة الأرنب..فأصبح ما يتلقاه التلاميذ من خدمة تعليمية ما يصح تشبيهه، مع الاعتذار، بالتعليم المغشوش..أو صناعات " بير السلم"؟!!
وهنا برزت الدروس الخصوصية، كسوق موازية..تقدم خدمة تعليمية أفضل لمن يدفع أكثر..
وتفاقمت الظاهرة، إلى درجة أن أصبح الكثير من المدارس العامة خالية فى النصف الثانى من العام الدراسى من التلاميذ..فالكل يتجمع هناك..فى السوق الموازية..مراكز الدروس الخصوصية..
وبدأت سوق موازية أخرى فى الظهور والاستشراء..
المدارس الخاصة، بمستوياتها المختلفة، وأنواعها المتعددة، وفق أسعار فلكية..
بل ودخلت مؤسسات التعليم الرسمى المزاد، بالالتفاف حول مجانية التعليم ، منذ وقت مبكر..
- عندما ظهر ما يسمى التعليم الابتدائى بلغة..أوائل السبعينيات ، مع بدء تغول سياسة الانفتاح، واستشراء الخصخصة..
- وكذلك الجامعات باستحداث ما سمى بالتعليم بلغة أجنبية..
- وأخيرا بتنبى نظام الساعات المعتمدة الذى تبنى الشكل دون المضمون، المهم، أنه أصبح مبررا لتدفيع الطلاب المزيد المصروفات..
وهكذا أصبح العدل التربوى يذبح بصورة علنية..
فالكثرة الغالبة من أولياء الأمور لا يقدرون على تحمل تكلفة السوق الموازية..
أما من معهم المال الوفير..أو حتى بعضه، فقد اتجهوا بالأبناء إلى السوق الموازية، ويتساقط كثيرون من أبناء الفقراء ، لفقد مقومات التنافس المالى، اللهم إلا إذا سعى البعض إلى استنبات مصادر دخل أخرى ..
٣٦
٨ مشاركات
أعجبني
تعليق
مشاركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق