الجمعة، 14 يونيو 2019

علم البصمات .. السلاح الأقوى في الأدلة الجنائية.

علم البصمات .. السلاح الأقوى في الأدلة الجنائية.
طول عمرنا بنسمع إن بوجود بصمة في مسرح الجريمة بتقدر الشرطة تحل أي لغز ،طب إمتى كانت أول مرة قدرت البصمة إنها تحل جريمة؟؟ ..
في يونيو 1892 بقرية (نيكوتشيا) بالأرجنتين تم استدعاء الشرطة لأحد المنازل بعد ما عثرت (فرانشيسكا روهاس) الأم صاحبة الـ 27 عام على طفليها مقتولين داخل بيتها ،كانت جريمة بشعة وخصوصاً لما تحصل في بلدة صغيرة ،لكن بسببها حصل تطور مذهل في علم الأدلة الجنائية.
قالت (فرانشيسكا) إنها كانت برة البيت ولما رجعت لقت الطفلين مقتولين ،وبسؤال الشرط ليها عن توجيه الاتهام لشخص معين قالت إنها تعرف القاتل وقالت إنها شافته وقت وصولها كان قريب من محيط البيت .. اتهمت صديق ليها اسمه (بيدرو فلاسكوز).
قالت (فرانشيسكا) إن (فلاسكوز) هددها أكتر من مرة قبل كدة إنه هيقتل أولادها لو فضلت مصممة على رفضها الزواج منه.
وعلى طول اتوجهت الشرطة لمكان إقامة (فلاسكوز) وتم القبض عليه وراح لمقر الشرطة وتم توجيه الاتهام ليه فأنكره وقال إنه أة يعرف (فرانشيسكا) بس ملوش أي علاقة بجريمة قتل الطفلين.
لجأت الشرطة للحل الوحيد اللي كان سائد في الوقت دة مع ضعف الأدلة وبعد فشل الاستجواب .. التعذيب حد الإنهاك ،فيتعب فيعترف المشتبه فيه بالجريمة ،فاستخدمت الشرطة كل الطرق مع (فلاسكوز) من ضرب وتغطيس الوجه في برميل المياة ولكنه فضل مُصر على الإنكار بعد 3 أيام من التعذيب الشديد.
اندهشت المحقق (إدواردو ألفاريز) المسؤول عن القضية من إنكار (فلاسكوز) .. مفيش مرة مذنب أنكر بعد كل دة .. دة لو برئ ممكن يعترف.
(ألفاريز) كان محقق عبقري .. وكان من النوع اللي مبيلجأش للعنف إلا نادراً ،قرر إنه يزور مسرح الجريمة تاني بس لوحده ويدور هناك يمكن يلاقي دليل قوي يقدر يعتمد عليه في حل لغز الجريمة.
ما سابش (ألفاريز) مكان في البيت إلا وفتش فيه .. دَور في كل سنتي يمكن يلاقي حاجة لكن للأسف كانت النتيجة صادمة ليه ،وقرر إنه يرجع مكتبه وقبل خروجه من باب البيت عينه وقعت على حاجة خلته يفكر برة الصندوق.
لاحظ (ألفاريز) وجود بقعة دم بتحمل بصمة أصابع على إطار باب البيت .. وقف قدامها وفكر هل الدليل دة ممكن يفيده في حاجة؟؟ ،بس الأول سأل (فرانشيسكا) سؤال مهم .. إنتي لمستي أي جثة من الجثتين أو بقع الدم في المكان؟؟ ،فكانت إجابتها .. لأ ،وبكده اتأكد (ألفاريز) إن البصمة دي تخص القاتل .. بس برضه هيعمل بيها إيه؟؟ .. ما كانش فيه أي تقنية لتظهير البصمات في نهاية القرن الـ 19 ،ولكن ..
زي ما أي حاجة في الدنيا بتفضل مجهولة لحد ما يقرر شخص إنه يزيح من عليها التراب .. قرر (ألفاريز) المبادرة وقام بخلع الجزء اللي بيحتوي على بصمة الدم من الباب لمقارنتها ببصمات (فلاسكوز)!! .. كانت فكرة ثورية بالمعنى الحرفي للكلمة.
كان (ألفاريز) مقتنع جداً إن الحل بين إيديه ولكن التنفيذ؟؟!!
(خوان فوسيتتش) - واللي صورته مرفقة مع المقال - .. ظابط شرطة وصديق (ألفاريز) ومستشاره ولكن بالإضافة لدة فكان (فوسيتتش) عالم أنثروبولوجيا (علم الإنسان) وكان درس بصمات الأصابع بالإضافة لكتب (فرانسيس جالتون) صاحب الأبحاث في علم الوراثة وعلم الإنسان ،وقرر (فوسيتتش) إنه يحلل البصمات!!
تم أخذ نسخة من بصمات (فلاسكوز) العشرة ولكن كان التركيز على بصمة واحدة لمقارنتها مع البصمة اللي على الباب ،طب إزاي دة هيحصل ومفيش أي وسائل مساعدة؟؟ .. هل هيقعدوا يبصوا على منحنى وخطوط ونقط كل بصمة؟؟ ،لأ صعب جداً .. لكن (فوسيتتش) غَير الطريقة.
ابتكر (فوسيتتش) طريقة لتسهيل ترتيب بصمات الأصابع وعلى فكرة لسه الطريقة دي بتـُستخدم لحد النهاردة .. طريقة (أنماط البصمات).
البصمات واحدة من 3 أنماط - زي ما موجود في الصورة - ، حلقات .. منحنيات .. دوامات.
قال (فوسيتتش) بدل ما نضيع وقت في الفاضي إحنا نشوف أنماط البصمات .. لو من الأول نفس النمط .. نكمل ،لو لأ يبقى من الأول كدة مش هيبقى فيه تطابق.
بالمقارنة اتضح إن بصمة (فلاسكوز) والبصمة اللي على الباب من نفس النمط .. منحنى ،وبكده قرر (فوسيتتش) إنه يكمل علشان يتأكد فبدأ يبص في تفاصيل التفاصيل الخاصة بالبصمة عن طريق عدسة مكبرة يبقارن بين نقط وتفرعات البصمتين!! ،وفي الاخر وصل للحل .. (فلاسكوز) برىء .. مفيش تطابق بين البصمتين!!.
قامت الشرطة باحضار (فرانشيسكا روهاس) مرة تانية وفتحت تحقيق معاها وبإعادة استجوابها أصرت على أقوالها الأولى واتهمت (فلاسكوز) ،فكان من الطبيعي جداً إن (ألفاريز) ياخد بصماتها علشان يقارن بينها وبين البصمة اللي كانت على الباب.
بعد أخذ بصمات (فرانشيسكا) ومقارنتها بالبصمة الغامضة حصل التطابق .. (فرانشيسكا روهاس) هي اللي قتلت طفليها!!
طب إيه اللي حصل ودفعها لتنفيذ جريمة بشعة زي دي؟؟ .. وليه حاولت تلصق التهمة بـ (فلاسكوز)؟؟
(فلاسكوز) ما كانش صديق (فرانشيسكا) الوحيد .. كان ليها صديق تاني وكانت بتحبه بجنون وبتنفذ أي حاجة يطلبها منها مقابل بس إنه يفضل معاها ،ولما طلبت منه إنه يتجوزها .. قالها إن مشكلته الوحيدة معاها هو وجود أطفالها .. لو معندكيش ولاد كنت اتجوزتك على طول ،فقررت إنها تتخلص من الطفلين علشان تتجوزه!!! ،بس السؤال هنا .. اللي تتخلى عن ولادها سواء إنها تسيبهم أو تقتلهم - التانية أبشع جداً ولكن الأولى بشعة برضه - تقدر تحب؟؟ .. وهل الطرف التاني ممكن يفكر إن دي تضحية علشانه؟؟ .. مستحيل.
تم التحفظ على (فرانشيسكا روهاس) وتقديمها للمحاكمة بتهمة قتل طفليها وحُكم عليها بالسجن مدى الحياة.
بسبب بصمة غير مقصودة من (فرانشيسكا) وذكاء (إدواردو ألفاريز) وعِلم (خوان فوسيتتش) حصل تحول ثوري وتاريخي في عالم مكافحة الجريمة ،وبكده كان (فوسيتتش) هو أول شخص في التاريخ يقارن بين بصمتين ويحدد قاتل عن طريق البصمة ،ومن بعده بدأ المحققين يستخدموا أسلوبه المبتكر في التحري عن الجرائم الغامضة.
المصادر :
1 – فيلم وثائقي من قناة ناشيونال جيوجرافيك عن البصمة في علم الجريمة.
2 – مقال ويكيبيديا بعنوان Francisca Rojas.
#قانون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق