الاثنين، 10 يونيو 2019

الديموقراطية المباشرة وغير المباشرة وشبه المباشرة: قانون دستوري


الديموقراطية :
 على خلاف الحكم الفردي  حيث تكون السلطة في  يد فرد واحد  ,  وحكم الاقلية حيث تباشر السلطة من قبل فئة محدودة من الأفراد يتولى الشعب في الحكم الديموقراطي السلطة مباشرة . أو بواسطة ممثلين بوصفه صاحب السلطة ومصدر السيادة .
  والديموقراطية مصطلح أغريقي يعني حكم الشعب ,  وقد عرف الأغريق القدماء الديموقراطية وكتب عنهم فقهاؤهم وفلاسفتهم  ,   ولكن كان بقصد بالشعب فئة محدودة من الأفراد هم المواطنون الأحرار .

أما الديموقراطية بمعناها الحديث فهي وليدة العصر الراهن  واشتراك الأفراد في ممارسة السلطة يختلف حسب نوع الديموقراطية .

 المطلب الأول : الديموقراطية المباشرة : 
 المقصود بها أن يباشر الشعب السلطة بنفسه دون وساطة  نواب أو ممثلين فتصدر القرارات باتفاق الأفراد .   والشعب هو أساس ومصدر السلطة  .  فهو يباشر مظاهر السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية  ,  أي يصبح هو الهيئة الحاكمة والمحكومة في ذات الوقت :
 والديموقراطية المباشرة هي أقدم صور الديموقراطية ظهورا   وعرفت في    اليونان  القديمة , وأيضا في أوائل تاريخ روما .
 وكان عدد الذين يتمتعون بالحقوق السياسية قليلا  إلي عدد السكان .
 فالمواطنين الأحرار فقط  هم من لهم مباشرة الحقوق السياسية  وهم الذين يشتركون في الجميعة الشعبية التي تمثل السلطة العليا في المدينة .  وقد كانت الجمعية الشعبية تجتمع عدد من المرات في السنة لوضع القوانين واعلان الحرب  واقرار السلام والتصديق على المعاهدات وفرض الضرائب والاشراف على الميزانية .

 وفي عالم اليوم لم يبق من الديموقراطية المباشرة ما يلفت النظر إلا القليل  ففي سويسرا  ما زالت ثلاث مقاطعات جبلية    تأخذ ببعض مظاهر النظام القديم .
 حيث يجتمع المواطنون في   جميعة عمومية وسط احتفال شعبي كبير , إذ يستمد المواطنون السلطة فيقومون بإدارة الشئون العامة من وضع القوانين أو تعديلها أو الغائها  وفرض الضرائب والنظر في الميزانية . 
 وفيما يتعلق بالوظيفة التشريعية فإن دور الشعب في المقاطعات السويسرية الثلاث يقتصر على  إقرار أو رفض مشروعات القوانين التي يقوم مجلس الولاية بتحضيرها ويتم ذلك دون مناقشة جدية  لأن الأمر يتعلق بمسائل فنية وقانونية يصعب على الجمهور فهمها .
  مزايا الديموقراطية المباشرة و عيوبها :
 من المؤكد  أن نظام الديموقراطية المباشرة هو أقرب النظم إلي الديموقراطية المثالية وهو الذي يؤكد على أن الشعب هو صاحب السلطة وهي من حقه لا تمارس إلا بوساطته ويباشر جميع  اختصاصاتها دون نائب أو وسيط .
  وروسو  يعتبرها  الديموقراطية الحقيقية  , والتعبير عن الأرادة العامة الذي يكمن في مجموع أفراد الشعب لا في إرادة عدد محدود منه .
وعنده أن السلطة للشعب باكمله ولا يمكن التنازل عنها , ومن ثم ليس له أن ينيب عنه نوابا أو يكلف ممثلين باسمه  .  وهؤلاء النواب مجرد تابعين  ".  ولهذا يهاجم النظام الانجليزي , ويرى أن الشعب الانجليزي لا يتمتع بالسلطة إلا يوم واحد  هو يوم الانتخاب

يضاف إلي ذلك أن نظام الحكم المباشر يرتفع بمعنويات الشعب نتيجة لاشتراكه في  تحمل المسئوليات العامة وسعيه في البحث عن الحلول العملية .
 وعلى الرغم  من ذلك  , فإن تطبيق هذا النظام متعذر من الناحية العملية  لاتساع رقعة الدولة وزيادة عدد سكانها  . 
وتطبيق النظام في بعض المقاطعات السويسرية يرجع إلي  قلة عدد سكانها .
 فمن الصعب في كل دول العالم أن يجتمع شعب الدولة في مكان واحد  ,  يناقشون الشئون العامة .  واجتماعهم في عدة اماكن  فلن يستطعوا مناقشة بعض الأمور التي تحتاج إلي خبرة   ودراية فنية لا تتوافر في جميع أفراد الشعب .
 يضاف إلي ذلك أن القرارات التي تصدر عن مثل هذه الاجتماعات لا تتوافر لها المناقشات الجدية السليمة فالتصويت على القوانين يكون جملة . بالموافقة أو الرفض .

وقد أعطى  البعض مثالا  أن  سكان احد  المقاطعات تداولوا كثيرا  حوال اباحة الرقص يوم الأحد  ,  وأقروا  القانون المدني في جلسة واحدة .

كما أن بعض المسائل تتطلب السرية التامة  . مما يتعذر معه تطبيق الديموقراطية المباشرة بشأنها .
المطلب الثاني : الديموقراطية شبه المباشرة :

 يعد نظام  الديموقراطية شبه المباشرة  نظاما وسطا  بين  الديموقراطية المباشرة حيث يتولى الشعب السلطة بنفسه  , ونظام الديموقراطية غير المباشرة حيث يقتصر دور الشعب على اختيار ممثلين يتولون الحكم باسمه ونيابه عنه . 
 وأمام استحالة الأخذ بالحكم المباشر وابتعاد النظام النيابي  البديل عن الآساس المثالي لفكرة الديموقراطية الصحيحة التي تفترض أن يباشر الشعب  صاحب السيادة , السلطة بنفسه ".    وجد الحل في أن  يقوم الشعب بانتخاب نواب لمباشرة شئون الحكم على أن يحتفظ  لنفسه بحق التقرير في بعض المسائل المهمة .

  ويعتبر نظام الديموقراطية شبه المباشرة في حقته نظام نيابي مطور خلاصته جعل البرلمان على اتصال مباشر بجمهور الناخبين . 

  مظاهر الديموقراطية شبه المباشرة :
الديموقراطية شبه المباشرة لها مظاهر متعدددة . 
 أولا : الاستفتاء الشعبي : 
 ويعد  الاستفتاء أهم  هذه الصور ويقصد به أخذ رأي الشعب في موضوع معين  ,  وقد يكون  الاستفتاء الشعبي تشريعيا  :  إذا تعلق موضوعه بالدستور  أو التشريع العادي , وقد يكون سياسيا  . 
 أما   من حيث وجوب الاستفتاء من عدمه فإنه قد يكون اجباريا إذا أوجب الدستور أخذ رأي الشعب  في موضوع  معين  ,  وقد يكون اختياريا  إذا  ترك لرئيس الدولة  أو لأعضاء البرلمان أو للحكومة  دعوة الشعب إليه .
 ومن حيث ميعاد الاستفتاء فأنه قد يكون سابق إذا تطلب الدستور اجرائه قبل أقرار البرلمان للقانون وقد يكون لاحقا
 ومن حيث قوة الاستفتاء قد يكون ملزما , وقد يكون اختياري غير ملزم للسلطات .
ثانيا : الاعتراض الشعبي : 
 المقصود بالاعتراض الشعبي هو حق عدد معين من الناخبين في الاعتراض  على تشريع صادر من المجلس النيابي خلال مدة معينة والاعتراض في واقعه القانوني  كما يبدو استفتاء سلبيا  .  أي هناك قانون صادر من البرلمان يحق لعدد محدد من المواطنين الاعتراض عليه .
فالقانون الصادر من البرلمان يكون نافذ  وتام غير أن الدستور يعطي لعدد  معين من الناخبين  20 ألف أو 30 ألف  الحق في طلب عرضه على الشعب خلال مدة معينة , فإذا لم يعترض هؤلاء فلا يجوز الاعتراض عليه بعد ذلك .
 أما إذا حصل الاعتراض بصورة قانونية فإن التشريع  المتعرض عليه يطرح على الشعب  , وأذا وافق عليه  تأكد القانون  وإلا اعتبر القانون لاغيا .
ثالثا : الاقتراح الشعبي :
 يقصد بالاقتراح الشعبي إعطاء الحق لعدد معين من الناخبين اقتراح القوانين وعرضها على البرلمان أو على الشعب  ففي حالة عرض مشروع القانون على البرلمان يتعين مناقشته    والبت فيه  أما  بالموافقة عليه  , وهنا يصبح المشروع قانونا  واجب النفاذ  , أو رفض البرلمان المشروع المقترح    وفي هذه الحالة يعرض المشروع على الشعب للاستفتاء فيه  . 
رابعا : إقالة الناخبين لنائبهم :
 تقرر بعض الدساتير  الحق لعدد معين من الناخبين بإقالة النائب الذي انتخبوه وعزله قبل انتهاء مدة نيابته , وذلك إذا تبين لهم أنه خرج عن حدود المهمة التي انتخب من أجلها .

 ونظرا لخطورة الأقالة  فقد حرصت الدساتير على احاطتها بضمانات هامة منها أن يوقع على الأٌقالة خمس الناخبين أو ربعم وأخذ كفالة مالية من الذين اقترحوا عزل النائب , وفي حالة اعادة انتخاب النائب المعزول تدفع جميع مصاريف معركته الانتخابية . من هذه الكفالة . 
 وتأخذ بفكرة الاقالة بعض دساتير الولايات الأمريكية .
خامسا : الحل الشعبي :
 وهو اعطاء عدد معين من الناخبين حق المطالبة بحل المجلس النيابي وعرضه على الشعب من اجل استفتائه  فيه وبذلك تختلف  عن  السابقة في أن الحل ينصب على المجلس النيابي باكمله   , ويعرض الموضوع على الشعب فإذا وافق  بالاغلبية   حل البرلمان  ,  واجريت انتخابات جديدة , وإذا رفض الشعب يستمر البرلمان بعد ان جدد الناخبون الثقة به .
 سادسا : عزل رئيس الجمهورية :
ويقصد به اعطاء عدد معين من الناخبين حق المطالبة بعزل رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة رئاسته عند فقد  الثقة به  ,
 ولا نجد تطبيق لتلك الصورة إلا في دستور فايمر الألماني سنة 1919


المطلب الثالث : ال
ديموقراطية غير المباشرة أو النيابية :
  إن الديموقراطية الأكثر شيوعا في العالم المعاصر هي الديموقراطية غير المباشرة أو النيابية    وفيها لا يزاول  الشعب السلطة بنفسه , بل يقتصر دوره على   اختيار نواب يمارسون الحكم باسمه  أي أن الشعب هو صاحب السييادة  لا يباشر  الحكم بنفسه .  ولا يشارك في بعض شئون الحكم  .
  أن دور الشعب يقوم على أساس انتخاب عدد من الممثلين   تتكون منهم الهيئات التي تتولى زمام الحكم في الدولة لمدة محدودة  وأن الحق في الحكم يعود لهيئة منفرادة أو هيئات متعددة  تستند في وجودها على أساس الانتخاب .


: خصائص النظام النيابي :
 يفترض النظام النيابي قيام الشعب باختيار هيئاته العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية لتحكم باسمه ونيابة عنه  .
1-  أن تكون الهيئة النيابية منتخبة :   من أجل أن تتمتع الهيئة  النيابية بصفتها التشريعية  يجب أن تكون منتخبة لأنها تتولى وضع القوانين وهذه المهمة  تتم نيابة عن الشعب ولكي يتححقق معنى النيابة يجب أن يفصح الشعب عن رأيه   وأن يقوم بالانتخاب ,
 أما لو كانت بالتعيين أو الوراثة فلا تعبر هيئة نيابية .

2-                                                 أن تتمتع الهيئة النيابية بسلطات فعلية :
  أي لها سلطات حقيقية في وضع القوانين   وفرض الضرائب  والرقابة على الحكومة .  أما لو كانت تملك سلطات استشارية   فلا يعد هيئة  نيابية .
3-                                                    أن تكون مدة الهيئة النيابية مؤقتة :
 أي محددة  بمدة معينة  , مما يقتضى  العودة إلي الشعب  خلال مدة معينة لمعرفة رغباته  وميوله  وإرادته  , وكذلك لمعرفة اتجاهات الرأي العام  , فضلا عن رقابة الشعب على نوابه   وتجديد الثقة  أو طرحها .
  والمدة تتراوح بين  3- 5 سنوات حسب الدستور .
4-                                                   تمثيل عضو الهيئة النيابية للشعب باجمعه :
 من أجل إضفاء الصفة التمثيلية على الهيئة النيابية يجب أن تقوم العلاقة بين النواب والناخبين على أساس أن يكون عضو   هذه الهيئة   ممثلا للشعب بمجموعة  لا دائرته الانتخابية فقط  . 
وقد كان النواب في السابق يمثلون دائرتهم الانتخابية ولكن بعد قيام الثورة الفرنسية أصبح عضو البرلمان يمثل الأمة بأجمعها .
وعلى ذلك كان تنظيم العلاقة بين الناخبين والنواب  من المسائل  التي أثير حولها الجدل وقيل فيها عدة أفكار :
 الفكرة الأولى : فكرة الوكالة الالزامية : وتعني أن النائب ممثل لدائرته ,  ووكيل لها  مثل الوكالة في القانون المدني 
ولكنها أدت لعدم استقرار فكرة الدولة الموحدة .
الفكرة الثانية : الوكالة العامة للبرلمان :
وتقوم على أساس فكرة  أن  البرلمان ككل وكيل للإرادة العامة للأمة .   وتستند لنظرية سيادة الأمة .
الفكرة الثالثة : نظرية الانتخاب مجرد اختيار :
ويرى أنصارها أن العلاقة بين النائب والناخب  تستند إلي قيام  الناخبين باختيار  النائب . وهي تقوم على الثقة فيه  ,  ومن ثم ينصرف النائب إلي أداء عمله حسب ما يمليه عليه ضميره . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق