نظريات أصل نشأة الدولة :
الموضوع الأول : النظريات الثيوقراطية في أصل نشأة الدولة :
لقد كانت
القاعدة الأساسية في النظم القديمة هي
سيادة الحكم الفردي المطلق , وينظر للسلطة
على أنها امتياز خاص بالحاكم يمارسه
بدون قيود أو حدود
, وقيل في تبرير السلطة المطلقة
عدة نظريات أو مراحل .
المرحلة
الأولى : مرحلة الطبيعة الإلهية للحكام :
تقوم الفكرة في هذه المرحلة على أن الحاكم من
طبيعة إلهية أي يحكم باعتباره إله فوق البشر يعبد وتقدم له القرابين , وعلى أساس هذه الفكرة
قام الحكم في مصر القديمة .
المرحلة الثانية : مرحلة الحق
الإلهي المباشر :
هنا لم يعد الحاكم من طبيعة إلهية أنما إنسان تصطفيه
وتختاره الآلهة , وقد تمسك ملوك
أوربا في العصور الوسطى بهذه الفكرة لتبرير سلطانهم المطلق , فهو يستمده من الآله . وليس
مسئولا إلا أمام الله ولا يجوز محاسبته أو
لومه لأنه يستمد سلطته من الله , وليس للأفراد دور أو سلطة في اختياره .
المرحلة الثالثة : مرحلة الحق
الإلهي غير المباشر :
وفي تطور أخر ظهرت فكرة تقوم على أساس أن
السلطة تنبع من مصدر إلهي , ولكن الله لا يختار الحاكم مباشرة أنما
يختاره بواسطة الشعب , الذي يعين الحكام
بتوجيه من الإرادة الإلهية .
وإن كانت الأخيرة لا تتعارض مع الديموقراطية ولكنها تسمح بالسلطان المطلق لأن الحاكم
تم اختياره وفق المشيئة الإلهية .
الموضوع الثاني : النظريات
العقدية في تبرير نشأة الدولة
؟
ظهرت فكرة العقد الاجتماعي
كأسس لنشأة الدولة منذ قورن عديدة , وهي
تحتل مكان بارزا في الفكر الأوربي وقال بها ثلاثة
هم هوبز ولوك وروسو .
وقد أتفق هؤلاء على أن العقد الاجتماعي هو أساس نشأة الدولة وأن
انتقال الأفراد من حياة الفطرة إلي حياة الجماعة المنظمة قد تم بناء
عليه ثم اختلفوا بعد ذلك : في شروط العقد وحالة الفترة وأطراف
العقد ونتائجه :
الفرع الأول : توماس هوبز :
وهو فيلسوف انجليز ظهر في فترة
اضطراب سياسي وكان صديقا
لأسره آل ستيوارت .
وقد انطلق من فكرة أن الحياة الفطرية كانت تتمثل في أنانية الإنسان وأن شهواته وأطماعه هي التي تحركه . وكانت
صراعات وحروب والغلبة فيها للقوى .
ومن أجل الخروج من حالة الفطرة فقد أختار
الحاكم , الذي لم يكن طرفا في العقد .
وتنازلوا له عن كافة الحقوق والحريات
, وهو لا يلتزم بشيء لأنه ليس طرفا في العقد .
وليس لهم أن يعزلوه . إلا إذا فقد السيطرة على
السلطة .
ولهذا فإن سلطة الحاكم مطلقة .
الفرع الثاني : جان جاك روسو :
أما جان جاك روسو فقد وضع نظرية متكاملة
ويرى أن حياة الفطرية كانت جيدة في البداية لأن الإنسان خير بطبعه وتسودها فكرة الحرية والمساواة الطبيعية . ولكن بعد ظهور الملكية الخاصة والتفاوت في الثروات واختراع الإلات تحولت حياة الناس إلي شقاء لعدم وجود مساواة طبيعية .
ويرى أن حياة الفطرية كانت جيدة في البداية لأن الإنسان خير بطبعه وتسودها فكرة الحرية والمساواة الطبيعية . ولكن بعد ظهور الملكية الخاصة والتفاوت في الثروات واختراع الإلات تحولت حياة الناس إلي شقاء لعدم وجود مساواة طبيعية .
ومن هنا وجد
الأفراد ألا سبيل أمامهم إلا إقامة الجماعة المنظمة من أجل انهاء الخلافات
فيما بينهم ومنع الاضطرات في علاقاتهم
والانتقال لحياة أفضل .
ولذلك ابرموا عقد لم يكن الحاكم طرفا فيه ,
تنازلوا للحاكم عن كل الحقوق
والحريات الطبيعية مقالبل التمتع بحقوق
وحريات مدنية .
فأطراف العقد عند روسو هم الأفراد على أساس أن لهم صفتين كأفراد
طبيعين مستقلين ومنعزلين كل منهم عن الأخر ,وصفتهم كأعضاء متحدين في الجماعة
السياسية .
الموضوع الثالث : النظرية العلمية لتبرير
سلطة الدولة ؟
توصف نظرية القوة ونظرية التطور العائلي ونظرية
التطور التاريخي بالصفة العلمية لأنها
تخضع للتحقيق العلمي بصرف النظر عن صحتها .
الفرع الأول : نظرية القوة :
تقوم هذه النظرية على أساس أن
الدولة تنظيم فرضته جماعة قوية على غيرها من الجماعات نتيجة للصراعات وانتصار
أحداها على الباقي فخضعوا لها
.
والواقع
أن التاريخ " القديم
" يمدنا بأمثلة كثيرة على انتصار القوة فيما يتعلق بإنشاء الدول
ومع ذلك لا تصلح النظرية لتفسير
نشأة الدولة في جميع الأحوال لأن هناك عوامل أخرى تجمعت مع القوة لتكوين الدولة .
والسلطة التي تعتمد على القوة تنهار عندما تضعف .
وقال الفقه الحديث أن
القوة ليس مقصود بها القوة المادية فقط ,
بل تشمل قوة النفوذ الأدبي والاقتصادي والحنكة السياسية .
الفرع الثاني : نظرية التطور
العائلي :
تنظر هذه النظرية للأسرة على
أنها الخلية الأولى في الدولة يستمد الحاكم فيها سلطته من سلطة الأب باعتباره رب
الأسرة .
فالدولة كانت في الأصل أسرة تطورت إلي عشيرة ثم إلي قبيلة .
وما سلطات الدولة إلا امتداد لسلطة رب الأسرة .
فهناك تشابه ما بين الجماعة السياسية
والأسرة , حيث يمكن تشبيه الروح العائلية
التي تربط أفراد الأسرة الواحدة بالروح القومية .
وقد انتقدت النظرية على أساس أن الأسرة لم تكن
الخلية الأولى وأنما مرت البشرية بعصور من الحياة الهمجية . وكانت المرأة مشاعا
ولا ينسب الولد إلا إلي أمه .
ولكن هذا الاعتراض لا يهدم النظرية لأنها لا تهتم بالتطورات
التاريخية السابقة على ظهور الأسرة . ,
إنما نشأت الدولة بعد تطور الأسرة .
كما
انتقدت النظرية على أساس أن التاريخ لا يؤيدها مطلقا لأن دول الشرق القديم لم تمر بنظام
المدينة السيساسية التي عرفتها أثينا .
كما أخذ على النظرية اختلاف
أهداف الدولة عن أهداف الأسرة حيث تتفكك
الأسرة بعد بلوغ الأطفال في حين تبقى الدولة .
ثم قيل أن السلطة في الدولة
سلطة مجردة ودائمة ومن الخطأ تشبيهها
بسلطة رب الأسرة .
الفرع الثالث : نظرية التطور التاريخي أو
الطبيعي :
يرى غالبية الفقهاء المعاصرين
أن الدولة ظاهرة طبيعية وتطورات طويلة دون أمكانية تحديد تاريخ معين لمولدها أو عامل معين لنشأتها .
أي النظرية
تقول أن نشأة الدولة ترجع لتطورات
اجتماعية طويلة وعوامل متعددة تختلف
أهميتها من دولة لأخرى حسب اختلاف ظروف
الدول التاريخية و الاجتماعية والاقتصادية
.
وقد أتخذ
أنصار النظرية من الأٍسرة نقطة البداية ,
ولكن تدخلت عوامل أخرى منها القوة المادية والجوانب الاقتصادية . فنشأت الرغبة في العيش المشترك والسلطة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق