الخميس، 6 يونيو 2019

الهروب من السجن إلي القبر

كان هناك مليونير أُودِع في سجن ما على جزيرة نائية تمهيدًا لإعدامه لجريمة قتل قام بها، ولأنه مليونير فقد قرر رشوة حارس السجن ليتم تهريبه من جزيرة السجن بأي طريقة وأي ثمن!
أخبره الحارس أن الحراسة مشددة جدًا وأنه لا يغادر الجزيرة أحد إلا في حالة واحدة وهي الموت! ولكن إغراء الملايين الموعودة جعل حارس السجن يبتدع طريقة غريبة لا بأس بها للهرب وأخبر المليونير السجين بها :
"إسمع، الشيء الوحيد الذي يخرج من جزيرة السجن بلا حراسة هي توابيت الموتى، يضعونها على سفينة وتُنقل مع بعض الحراس إلى اليابسة ليتم دفنها بالمقابر بسرعة مع بعض الطقوس البسيطة ثم يرجعون!
التوابيت تُنقل يوميًا في العاشرة صباحًا في حالة وجود موتى. الحل الوحيد هو أن تُلقي بنفسك في أحد التوابيت مع الميت الذي بالداخل وحين تصل اليابسة ويتم دفن التابوت سآخذ هذا اليوم إجازة طارئة وآتي بعد نصف ساعة لإخراجك. بعدها تعطيني ما اتفقنا عليه وأرجع أنا للسجن وتختفي أنت، وسيظل اختفاؤك لغزاً وهذا لن يهم كلينا. ما رأيك ؟"
طبعاً فكر صاحبنا أن الخطة عبارة عن مجازفة مجنونة، لكنها تظل أفضل من الإعدام بالكرسي الكهربائي! المهم أنه وافق. اتفقا على أن يتسلل لدار التوابيت ويرمي نفسه بأول تابوت من على اليسار غداً. هذا إن كان محظوظاً وحدثت حالة وفاة!
في اليوم التالي ومع فسحة المساجين الاعتيادية توجه صاحبنا لدار التوابيت ووجد تابوتين من حسن حظه، أصابه الهلع من فكرة الرقود فوق ميت لمدة ساعة تقريبًا لكن مرة أخرى هي غريزة البقاء؛ لذلك فتح التابوت ورمى نفسه مغمضاً عينيه حتى لايصاب بالرعب، أغلق التابوت بإحكام وانتظر حتى سمع صوت الحراس يهمون بنقل التوابيت لسطح السفينة. شم رائحة البحر وهو في التابوت وأحس بحركة السفينة فوق الماء حتى وصلوا اليابسة.
ثم شعر بحركة التابوت وتعليق أحد الحراس عن ثقل هذا الميت الغريب! شعر بتوتر، تلاشى هذا التوتر عندما سمع حارساً آخر يطلق سبه ويتحدث عن هؤلاء المساجين ذوي السمنه الزائدة، فارتاح قليلاً وهاهو الآن يشعر بنزول التابوت وصوت الرمال تتبعثر على غطائه وثرثرة الحراس بدأت تخفت شيئا فشيئاً.
هو الآن مدفون على عمق ثلاثة أمتار مع جثة رجل غريب وظلام حالك والتنفس يصبح صعباً أكثر مع كل دقيقة تمر. لابأس، هو لايثق بذلك الحارس ولكن يثق بحبه للملايين الموعودة، هذا مؤكد. انتظَر، حاول السيطرة على تنفسه حتى لا يستهلك الأكسجين بسرعة فأمامه نصف ساعة تقريباً قبل أن يأتي الحارس لإخراجه بعد أن تهدأ الأمور. بعد عشرين دقيقة بدأ التنفس يتسارع ويضيق، الحرارة خانقة. لابأس، عشر دقائق تقريبًا وبعدها سيتنفس الحرية ويرى النور مرة أخرى.
بعد لحظات قليلة بدأ يسعل ومرت عشر دقائق أخرى. الأكسجين على وشك الإنتهاء وذلك الغبي لم يأت بعد. سمع صوتاً بعيداً جداً، تسارع نبضه، لابد أنه الحارس، أخيراً..!
لكن الصوت تلاشى؛ شعر بنوبة من الهستيريا تجتاحه. تُرى هل تحركت الجثة. صوَّر له خياله أن الميت يبتسم بسخرية، تذكر أنه يمتلك كبريت في جيبه؛ ربما الوقت لم يحن بعد ولكن رعبه هيأ له أن الوقت مر بسرعة. أخرج الكبريت ليتأكد من ساعة يده، لابد أنه لازال هناك وقت. أشعل عود كبريت و خرج بعض النور رغم قلة الأكسجين لحسن حظه، قرّب الشعلة من الساعة؛ لقد مرت أكثر من خمس وأربعين دقيقة! هو الهلع إذن.
خطر له أن يرى وجه الميت، التفت برعب وقرّب الشعلة ليرى آخر ما كان يتوقعه في الحياة؛ إنه وجه الحارس ذاته!!!!
.
- ألفريد هيتشكوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق