الثلاثاء، 11 يونيو 2019

أنواع الانتخابات في الأنظمة الدستورية ؟


الانتخاب المباشر والانتخاب غير المباشر

يكون الانتخاب مباشرا إذا قام الناخبون باختيار ممثليهم في الهيئة النيابية مباشرة ودون وسيط , أي أن الانتخاب يكون على درجة واحدة يتولي فيه الناخب اختيار النائب . ويكون الانتخاب غير مباشر إذا انحصرت مهمة الناخبين في اختيار مندوبين عنهم يتولون اختيار النواب , أي أن الانتخاب غير المباشر يكون على درجتين أو اكثر .  
تقدير الانتخاب المباشر والانتخاب غير المباشر :

نظام الانتخاب المباشر هو الأقرب للديموقراطية فكما أن الديموقراطية المثالية هي أن يتولى الشعب الحكم بنفسه , فإن الشعب حينما يختار نوابه بنفسه فهو أقرب إلي الديموقراطية من نظام الانتخاب غير المباشر الذي يحصر دور الشعب في اختيار مندوبين عنه يتولون اختيار النواب .
 كما  يمتاز الأسلوب المباشر بأنه يبيح لأفراد الشعب اختيار حكامهم بأنفسهم مما يرفع شعورهم بالمسئولية وينمي وعيهم السياسي ويزيد اهتمامهم بالشأن العام .

ولكن أنصار الأسلوب غير المباشر يعتقدون بأن الأخذ بنظامهم يؤدي إلي التخفيف من حدة مساوئ الاقتراع العام لأنه يجعل اختيار الحكام في أيدي فئة مختارة من المندوبين تكون أكثر إدراكا للمسئولية , وأحسن تقدير لكفاءة المرشحين عكس الجماهير التي لا تكون لديها هذه الكفاءة لانخفاض وعيها وقلة ثقافتها .
ولكننا نرفض هذه الحجة لأن فيها طعن في قدرة الشعوب وكفاءتها ووعيها ,  وليست سوى حجة من لم يحصل على ثقة الجماهير .
كما أن تيار الديموقراطية المتصاعد يمنع الحد من مبدأ الاقتراع العام الذي أصبح أساسا ثابتا من الأسس التي تقوم عليها النظم السياسية الحديثة .

كما يرى أنصار الانتخاب غير المباشر بأن نظامهم يخفف من حدة التطاحن الانتخابي بين مختلف الأحزاب السياسي ويقلل من تأثير الدعاية المضللة على عامة الناس بجعل الانتخاب بيد فئة ممتازة من المندوبين .
 ولكن هذه الميزة لا تتحقق في البلدان ذات الأحزاب المنظمة لأن ناخبي أول درجة لا ينتخبون إلا المندوبين الذين يتفقون معهم في الميول السياسية .

فضلا عن أن قلة عدد المندوبين قد يسهل التأثير عليهم سواء من جانب الحكومة أو المرشحين بالترهيب والترغيب .
لذلك فليس لنظام الانتخاب غير المباشر إلا تبرير وحيد وهو أنه يسمح باختيار أعضاء المجلس الأعلى في الدول الاتحادية حيث يقوم الناخبون باختيار برلمان الولاية ثم يتولي الأخير اختيار من يمثل الولاية في المجلس الاتحادي .

السؤال  :  الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة :
 تحتم العملية الانتخابية تقسيم الدول إلي مناطق انتخابية يختلف حجمها باختلاف النظام الانتخابي المعمول به , فإذا كان هذا النظام يقوم على أساس الانتخاب الفردي فإن الدوائر أو المناطق الانتخابية تكون صغيرة الحجم  , بحيث يعطي الناخب صوته لمرشح واحد . لذلك سمي بالانتخاب الفردي .
 أما الانتخاب بالقائمة فإن تقسيم البلاد يكون على مناطق انتخابية كبيرة نسبية في عدد سكانها ينوب عنها عددا من النواب , وفي هذه الحالة فإن الناخب لا يعطي صوته لمرشح واحد بل عليه أن يقدم قائمة بأسماء المرشحين الذين اختارهم .
 غير أن قوائم الانتخاب التي يقدمها الناخبون تكون على طريقتين هما : -
الطريقة الأولى : تقوم على انتخاب كامل للمرشحين الذين تضمهم القائمة الواحدة في المنطقة الانتخابية أي يتقيد الناخب بالقائمة بجميع أعضائها دون تغيير أو تعديل " القائمة المغلقة "
 أما الطريقة الثانية : فإنها تجيز للناخبين اختيار العدد المطلوب من المرشحين من بين الأسماء الموجودة في مختلف اللوائح المتنافسة في المنطقة الواحدة  , أي يكون للناخب الحق في تقديم قائمة بالعدد المطلوب من بين المرشحين في مختلف اللوائح المتنافسة " المزج بين القوائم .

 تقدير نظام الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة :
 أساس الانتخاب الفردي هو المنطقة الصغيرة , وأساس الانتخاب بالقائمة هو المنطقة الكبيرة ,  وهذا هو الذي يحقق مزايا كل منهم وأيضا محل نقد كل فريق .
 فصغر حجم المنطقة الانتخابية يجعل الناخبين على معرفة شخصية بالمرشحين مما يؤدي إلي حسن اختيار الأصلح من بينهم .  فضلا عن الصلة الوثيقة التي تربط بين النائب والناخب مما يحمله على الاهتمام بشئون منطقته والعمل على حل مشاكلها .

ولكن انصار الانتخاب بالقائمة يرون فيه عيبا , لأن المفاضلة تكون بين الأشخاص لا على أساس المبادئ والأفكار , ومن ثم يكون الفوز بالانتخاب نتيجة لصلات واعتبارات شخصية , كما أن تلك الصلات تجعل المرشح أسير لمنطقته يسعى وراء مصلحتها  اكثر من اهتمامه بالمصلحة العامة .   , فضلا عن أن صغر حجم المنطقة الانتخابية تسهل التأثير في نتيجة الانتخاب فالرشوة تكون أسهل  فضلا عن وسائل الضغط والأكراه .

  ومن المزايا التي ينسبها انصار الانتخاب الفردي أن كبر حجم المنطقة يؤدي إلي جعل الاختيار قائما على أساس المفاضلة بين المرشحين استنادا إلي البرامج والأفكار بعيدا عن الاعتبارات والصلات الشخصية  وعلى هذا يكون اهتمام النائب منصبا على القضايا العامة لا على الأمور الخاصة بمنطقته الانتخابية فقط .
كما أن النائب يتخلص من التبعية للناخب ويتحرر من وصايتهم  , كما أن كثرة عدد ناخبي المنطقة الانتخابية يؤدي إلي تخفيف التأثيرات والضغط والأكراه من جانب الحكومة بالترهيب والترغيب .
 كما أن هذا النظام يضاعف حقوق الناخب لأنه يعطيه حق اختيار عدد من النواب بدلا من نائب واحد  فيشعر بأهمية دوره ويشجعه على استعمال حقوقه .

 ولكن معارضي الانتخاب بالقائمة يعتقدون بأن كبر حجم المناطق الانتخابية يجعل مهمة الناخب عسيرة لعدم معرفته بمرشحي القوائم أو بعضهم , وقد يؤدي إلي استدراج الناخبين عن طريق وضع أسماء لامعة على رأس القائمة , على الرغم من عدم كفاءة الباقي .
 كما أنه يؤدي إلي فوز الأحزاب القوية  وأضعاف تمثيل أحزاب الأقلية على الرغم من حصولها على أصوات مهمة .





الموضوع  3 :  نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي
 بعد إجراء التصويت يثور التساؤل عن حساب الأصوات وتحديد الفائزين ويربتط ذلك بالنظام المعمول في عملية توزيع الأصوات بين المرشحين , حيث يوجد نظامان هما نظام الأغلبيةى  ونظام التمثيل النسبي .
  أولا : نظام الأغلبية :
 الانتخاب بالاغلبية هو النظام الذي يفوز من يحصل من المرشحين على أكثرية الأصوات في المنطقة الانتخبية , أي يفوز المرشح الذي يحصل على أكثرية اصوات الناخبين في منطقته أو  تفوز القائمة التي تحصل على أكثر الأصوات .
والأغلبية قد تكون بسيطة وقد تكون مطلقة .
 الأغلبية البسيطة تعني فوز المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في منطقته الانتخابية بصرف النظر عن عدد الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين .
 وكذلك فوز القائمة التي تحصل على أعلى الأصوات .
ونتيجة الانتخاب في ظل هذا النظام تعرف من الدور الأول دون حاجة لإعادة الانتخاب .
وهذا النظام معمول في انجلترا والولايات المتحدة  وأخذت به بعض الدساتير العراقية .
الآغلبية المطلقة : وفي هذا النظام لا يكفي حصول المرشح على أعلى عدد من الأصوات  في منطقته الانتخابية , بل عليه أن يحصل على أكثر من نصف الأصوات الصحيحة "  ولهذا يسمى نظام الأغلبية ذو الدورين , لأنه إذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من نصف الأصوات تعاد الانتخاب ما بين الأول والثاني وهذا معمول به في فرنسا .

 تقدير نظام الأغلبية :
 هو أقدم نظام انتخابي  ويساعد على قيام أغلبية متماسكة في البرلمان وتحقيق الاستقرار الحكومي مثل الحال في بريطانيا
ومع ذلك فقد انتقد هذا النظام لأنه يؤدي إلي ظلم أحزاب الأقلية ومحاباه حزب الأغلبية  , يصغر نتائج الأول ويكبر نتائج الثاني .

 وقد يؤدي نظام الأغلبية استثناء إلي إفساد أسس المبدأ الديموقراطي بأن يصبح حزب الأقلية هو الحزب الحاكم مثل الانتخابات البريطانية التي جرت في 1951 , حيث فاز المحافظين رغم حصولهم على أقل من اصوات حزب العمال .
  ثانيا : نظام التمثيل النسبي :
 يفترض نظام التمثيل النسبي الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة حيث يتم توزيع المقاعد المخصصة للمنطقة الانتخابية على القوائم والأحزاب حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل منها .

فلو فرضنا أن منطقة انتخابية مخصص لها عشر مقاعد تنافست فيها ثلاث قوائم مختلفة حصلت الأولى على 50% والثانية على  30%  والثالثة على 20% , هنا تحصل الأولى على  5 مقاعد والثانية على  3 والثالثة على 2
بدلا من حصول القائمة الأولى على المقاعد المخصصة للمنطقة الانتخابية فيما لو كان الانتخاب يجري بنظام الأغلبية .

ويأخذ نظام التمثيل النسبي حالات متعددة نشير إلي أهمها .
1-   حالة القوائم المغلقة :
 وفي هذه الحالة يلتزم الناخب بالتصويت إلي أحد القوائم المتنافسة دون أن يكون له الحق في إجراء أي تعديل أو تبديل عليها .
2-   حالة القوائم المفتوحة :
وفي هذه الحالة تكون حرية الناخب كبيرة , فهو لا يلتزم بقائمة معينة , بل له أن يقوم بتكوين قائمة خاصة به , وذلك باختيار اسمائها من بين أسماء مختلف القوائم التنافسة وهو ما يعرف بحق المزج بين القوائم .

تقدير نظام التمثيل النسبي :
 ينطوي نظام التمثيل النسبي على مزايا متعددة وعيوب كثيرة .
من مزاياه أنه أكثر الأنظمة الانتخابية تحقيقا للعدالة , وذلك بتمثيل الأحزاب المتنافسة تمثيلا يتناسب مع قوة كل منها  فهو يعطيها عدد من المقاعد يتناسب مع عدد الأصوات التي حصلت عليها .
 وهو بذلك يجعل البرلمان مرآه صيحية للرأي العام وترجمة صادقة لإرادة الجماهير . ومن ثم فهو أقرب النظم الانتخابية إلي المبدأ الديموقراطي وقيام النظام النيابي الصحيح
 كما يسمح بتكوين معارضة قوية في المجالس النيابية , إذ يفتح المجل أمام الاتجاهات المختلفة في الحصول على بعض المقاعد  , ومن ثم فغهو يؤدي خدمة جليلة للصالح العام  ,  لأن وجود المعارضة يساعد الحزب الحاكم على الحذر والتروي والتزام الحرص والدقة والموضوعية ومنع اساءة استعمال السلطة .
-         كذلك يحافظ على وجود الأحزاب الصغيرة ويصون استقلالها إذ يضمن لها بعض المقاعد و ويشجع أنصارها على التصويت .

 وعلى الرغم من المزايا التي يحققها نظام التمثيل النسبي ولكنه واجه انتقادات شديدة أظهرت عيوبه ومثالبه ,  منها التعقيد والصعبوبة  في التصويت وعدم ظهور النتائج إلا بعد عدة أيام  والخوف من التلاعب والتزييف .
 كما أنه يحول دون قيام أغلبية متماسكة  ويؤدي إلي عدم استقرار البلاد سياسيا كما حصل في ألمانيا عند تطبيق دستور فيمر , وكذلك أزمة سياسية في فرنسا حتى  1958 .

صحيح أن هذا النظام هو أقرب النظم الانتخابية إلي روح الديموقراطية والعدالة والمساواة ولكنه طريق يؤدي إلي زعزعة الكيان الحكومي ,  واللجوء للحلول الوسط  .
 غير أن هذه العيوب لا تمنع من الاعتراف بالنتائج الطيبة لله في سويسرا ودول شمال أوربا ,  ولهذا فهو ينجح في البلدان الصغيرة ذات التقاليد العريقة في الديموقراطية والتي وصلت إلي درجة عالية من التقدم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق